توقّعت كتابة نصّ ساخرٍ اليوم، كعادتي حين أغرق في أمر وأتخبط في بعض أجزاءه. لكنني هذه المرّة، وبهدوء أزعجني قليلًا، قررت التّريث، لن أنشر نصًّا تمام الواحدة صباحًا لأنني خسرت نقطةً في التحدّي قبل ساعة بفارِق تغريدة. وفيّ ما يقِفُ على جرف، له قدمان، السّرعةُ والجودة، تنزلقان به فيتشبّث بالكلمة...
اليوم، ختام الأسبوع الأوّل من التحدّي، عدتُ أفكّر في الطريقةِ التي تعاملت بها معه، كيف كنت أكتب النصوص ومتى، ماذا عنى لي كلّ نص وكيف شعرت حياله. وجدت أنني رضيت بالنشر، الذي بقيت مدّة من الزّمن أراه كإدانة معلنة، وأنني به أُحمّل نفسي عبء إثبات أمور كثيرة. حتّى كان أثقل ما أفكّر به، وإذا ذكرت ذلك عند من يؤمن بمصفوفة الكلمات التي أضعها، ويرى فيها نفعًا يخصه شخصيًّا أو ينفع محيطه.. غضب غضبًا عارمًا عرمرمًا. والحقيقة، أن شيئًا من ذلك باقٍ لم ينفّك، وهو سبب الانقطاع الذي ذكرته في تدوينة اليوم الثّاني من التّحدي.
أظن أن تفشّي ظاهرة شخصيّات القاضي والمفتش والجلاد، انتقلت من عالم الألعاب الطّفوليّة القاسية. وبذات الفكرة القاسية، غير أنّها أكثر وحشيّة في الأحكام الغيابية إلكترونيًا. كنت أرى شرر الاستشفاء في أعين اللاعبين، ولؤلؤا دقيقًا جدًا متخفّيًا في عيني اللّص دائمًا. كنت أركّز كثيرًا لأنتصر بدورٍ أعطي فيه حكمًا، لأُخفف وأتخفف. هذا في المرّات القليلة جدًا، التي دخلت فيها ساحة اللّعب عوضًا عن الاستئثار بركن ساكن أراقب فيه الأعين في ساحة المقصلة. ورغم نعتي بالجُبن عن دخول منافسةٍ أقامر فيها بسلامة يدي وقلبي، صمدت حتّى تغيّرت اللعبة المفضلة للفتيات وقتها. وأصبحنا وإلى الآن نلعب دائمًا لُعبة الكلمات. الكلمات..
فكرة النّشر بشكل يوميّ ليست جيّدة، وتستهلك طاقة الإنسان وتأخذ من فِكره أكثر مما ترتب وتضيف. في المقابل، حتّى فكرة الانقطاع التّام عن النّشر فكرة سيئة جدًا، وتستهلك أيضًا طاقة البشرّي الذي يتغذّى ويُغذّي بالكلمات. وبينهما، يجب ألّا تنشأ هذه الكلمات على فكرة القَبول والرّفض، ألا تكون نفسها ولا تستفيض في شرح فكرة لأنّها قد ترفض أو تردّ، ألا تُصفّ كمزهريات في متحف كي يصورها المارّة علامة على الاستحسان أو القَبول. على الكلمات ألا تقول إلا نفسها، وما نفسها؟ روح كاتبها! الفكرة التي يؤمن بها، الأرض التي يقف عليها، والشجرة التي يستظلّ بها، والجبل الذي يحبّه. والشدّة... العلامةُ التي شدَّني وجودها في كلّ سطر وكلّ جملة ربما. ما سرّها؟ ... من يدري
أروى بنت عبدالله
٢٤ شعبان ١٤٤٢ هـ
٧ ابريل ٢٠٢١ م
الأربعاء ١١:٢٥م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق