كنت أتأمل قِطَع البسكويت الدائرية اليوم، أثناء إعداد طبق بارد للتحليةِ بعد صلاة التّراويح. شدّني تعاملي المرن مع القطع المتكسرة، وتذكّرت امتعاضي منها عندما كنت أصنع نفس الطّبق قبل سنين خالية. كُنت أجمعها في طبق آخر لأسدّ بها الفراغات، والآن.. أستمتع بصفّها كتحفةٍ فنيّة على سطح الطّبق لتُجَمّله.
في تلك الأثناء تذكّرت نصّ اليوم، وتنبّهت إلى فكرةِ الهَدمِ والبِنَاء التي نمرّ بها في مختلف مناحي الحياة. عندما نمتعض من كُسورٍ نستطيع من خلالها اتخاذ أكثر الطّرق بناءً في حياتنا. عندما نظنّها فخاخ وشرفات خَطِرة، في حين أنّها ما يجدد فينا العَزم ويعلو بنظرتنا ورسالتنا وهِمَّتِنَا. ليست أساسًا في حياة النّاجحين الملهمين، لكن.. من الذي تخلو حياته من الهزائم؟
إنّ المرونةَ التي نتجَاوز بها تلك المنعطفات في الحياة، ورفضنا التّوقُفَ رغم غَورِ لحظاتٍ فارِقَة في أعماقنا، تُثَبِّت الإيمانَ في قلوبنا. كلّها مواضِعُ اختبار، يتتبع الإنسان فيها حقيقة بنائه الإيماني. هل هو مؤمن حقًّا؟ وفي رمضان فرصة لاكتشاف تلك الحقيقة، في هذه الأيّام خاصّةً، بغياب أجواء العبادة الجماعية العامة.
"هل نمتلك بناءً إيمانيًّا يُذكر لنواجه به كنزَ رمضانَ الوفير ونغرَفَ منه ملء أيدينا أم لا؟".. هل تتواضع أمانينا وتخبو مطالبنا ونرضى بمستوًى عادِي؟ مع ضرورة الإشارةِ هنا إلى حديث رسول الله ﷺ "اسألوا الله الفردوس الأعلى من الجنّة". أترضى بمنزلةٍ أدنى من أجل غفوةٍ أو سهرةٍ أو محادثة مع غير الله؟ الله الذي فتح لك الأبواب كلّها ودعاكَ إليه، الذي يفرح بعودتك إليه وتوبتك وأوبتك! أترضى أن يقعدك همّ أو ضرّ ما أصابك إِلّا بإذنه ليقربك منه لكنك تبتعد؟ والله لا يرضى مؤمن على نفسه ذلك!
سله من فضله وتذلل عند بابه، إيّاك ومواطِن المزاح الكثير والهَرج، والشّواغِل التي تمنّيك نفسك بأجر صنيعها لكنها تجرّك فتُبلِي ثوبَ إيمانك وتهلك روحك.
"اركض بقلبِكَ
هذا الدّرب
منفرِدٌ..
والسّبقُ فيه لِصَادِقِ الإيمانِ".
سلِ الله أن يجدد الإيمان في قلبك، أن يطهّره ليرى فلا تضل أو تضل ولا تَهلك ولا تُهلك. سِر لا تَقف، وتذكّر حديث رسول الله ﷺ "من خافَ أدلج ومن أدلج بلغَ المنزِل، ألا إن سِلعَةَ الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنّة". صدق رسول الله ﷺ.
أروى بنت عبدالله
٥ رمضان ١٤٤٢هـ
١٨ ابريل ٢٠٢١م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق