يعرض مجوعة من الطّلاب نتائج أبحاثهم لهذا الفَصل، أتأمل الشرائح المحشوة بالكلام وأتساءل، ما مدى الفرق الذي تحدثه زيادة كلمة ونقصان أخرى؟ مضت السّنوات الدراسية السّابقة والأساتذة يعيدونَ علينا فكرة أنّ العَرض يجبّ ألّا يتعدّى رؤوس الأقلام، العناوين، وملاحظات صغيرة كلمة أو كلمتين، لا جملة كاملة الأركان ولا فقرة كاملة. هذه قواعد يعرفها الجميع، ويتبعها الجميع، نَعرف أن حجم الخطّ يجب أن يكون جيدًا ليُرى عن بعد، وكلّ ما يرد كلمات وأرقام استرشاديّة للمتحدّث فحسب.
لا أعرف لماذا يكتب الطلاب بحثهم كاملًا في عرض شرائح، ولا أفهم جدوى أن يقدّم الباحث عرضًا يقرأ فيه شرائحه فحسب، يستفيض بعضهم في الشرح ويضرب الأمثلة، لكن وجود نصوص كاملة مشتت، يجب أن يستفزّ العَرض فضُولَ السّامع لا أن يقدّم له برتقالة مقشّرة يقرأها ويسرح باقي الوقت.
أعرف أن امتعاضي هذا من اختلاف المدارس لن يجدي، وأنني يجب ألّا أنسى حتّى لا يتم استصغار بحثي بسبب القالب الكلاسيكي الذي أتبعه. إنّها نهاية الفصل الثاني من رحلة الماجستير، وما زالت بعض الصّور مبعثرة في ألبوم ذاكرتي.. ولعلّ للدراسةِ عن بعد أثرها الذي لا يستهان به.
كنتُ أُحدّث مُزنة عن أبرز ما أضافته لي هذه الرحلة، فقلت لها أنني لا أبالغ لو قلت أن البحث هو أهم ما تعلمته من الماجستير على الصعيد الشخصي والعلمي والعملي وأعتقد أنّ الهدف من الماجستير أصلا "تخريج باحثين". استخدمت خطط البحث وشكله الذي تعلّمته من الدكتور معن في كلّ ما واجهته من أعمال، وضعت خطة بحثية لمراجعة بعض القوانين، وخطّة بحثيّة للحصول على صورةٍ كاملة للمؤسسة التي أعمل فيها ولخطتها الاستراتيجية القادمة.
رحلة قابلت فيها أصنافًا جديدة وغريبة من البَشر، وشخصيات قانونية فيلسوفة لا تملك إلا أن تحدّق بكل حواسك حين تتحدّث، ومقررات لم أتوقع عمق ما فيها وتشعّبه. صادفت باحثين مخلصين يفصّلون في كلّ نقطةٍ أوردوها في أبحاثهم، ويتابعونَ بكلّ انتباهٍ أبحاث زملائهم ليدعموها بما عندهم من معارف. واكتشفت أروى خارقة، تعدو نحو ما عليها من واجبات، تنجزها في وقتها تارةً، وتصبح بطلةَ اللحظات الأخيرةِ في أخرى. تعلّمت قولَ لا في أقسى الظروف والمواقف، وتعلّمت قراءة الرسائل وعدم الردّ عليها. رغم أني لم أعتد على الأمرِ بعد، إلا أن الأمور تمضي هكذا في الوقت الحالي...
في الختام، يجب أن أتنازل عن القالب الذي اعتدته، وأن أضع كلّ ما في البحث في عَرض قد يصل إلى ٣٠ شريحة عوضًا عن الخمسة التي أختصر فيها البحث عادةً. أنهيتُ النّص ولم تنته المحاضرة بعد، ويبدو أنها ستمتدّ لساعةٍ إضافيّة. يبدو من السّوء أن أكتب عن السلبية التي أراها في العروض، مقابل المتعةِ التي أعيشها في هذه الرحلة. تفاصيلها الغريبة مثيرة للدهشة، وتدورُ بي في محيط قانوني عجيب. تجربةٌ فريدة جدًا، لم أتخيل ولم أتوقع أن أخوض مثلها.
أروى بنت عبدالله
١٤ رمضان ١٤٤٢هـ
٢٧ ابريل ٢٠٢١م
*هل نبدأ العدّ التنازلي؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق