كلّ الذين ظنّوا أن السّفينةَ ستغرَقُ بدونهم، غرقوا، وبقيت السّفينة شامخةً تمخر عباب بحرِ الحياةِ بعزمِ ربّانها وإيمانه وصدقه.
لا تقف الحياةَ عليك أبدًا، ولن تقف لك. في أقصى وأحلك ظروفك ستراها تفلت من بين يديك، وفي رحابتها والسّعة التي تستقبلك بها إفلات من نوع آخر.
سيكون لك آثار باقية، يتلمسها الأسطول الذي كنت تنتمي إليه، وسيبقى اسمك في بعض الأوراق، ستمر عليها السنين وتنتهي معاملاتها ثمّ تُركن في أرشيف أو مخزن، ثمّ ماذا؟ ستتجدد الأسماء وسيرفع الشرّاع وتُسحب المرساة، وما نقص قارب بالنسبة لأسطول؟
هذا ما أقوله لنفسي في كلّ رحلة أدرك معنى أن أكون فيها مجرد راكب، أو مساعد ربّان. إنّ للأساطيل الضّخمة قادتها الذين بنوها خشبةً خشبة، وجمعوا أسلحتها واحدًا واحدًا. أولئك الذينَ مضت بهم الحياة مبحرين رغم العواصف والأعاصير، ورغم قراصنة البحار الذين حاولوا الاستيلاء على مقود السفينة الأولى، وخرائط الكَنز.
تستطيعُ بعد أن تكسب ثقةَ الربّان والقائد الأوّل، أن تتعاون معه، وقد يُخرج معك فرقةً من أسطوله لتبني لك أسطولًا خاصًّا، وسيُعينك على تقويته ويرشدك في الطّريق. غيرَ هذا لا تكُن أنانيًا، لا تفكّر بالسّرقة، لا تحاول إمساك لجام خيل ليس لك، وإلا سيرديك غريقًا كما غرق من قبلك.
تقوم الأساطيل الكُبرى بتكاتف كلّ العاملين في سفنها يدًا بيد، يعرف كلّ واحد منهم مهمّته، يعرف التزاماته ويحرص أن يؤديّها بكلّ أمانةٍ ليرضى الله عنه، الله وحده لا شريك له. يتبع خطّة القائد بثقةٍ قويّة، يدلي فيها برأيه دون تعصّب، ويُشارك معارفه وكلّ جديد ليرقى ويتطّور الأسطول.
يجب أن يؤمن كلّ فرد بأن نجاحه نجاحٌ للفريق، وأنّ نجاح الفريق نجاحٌ لكلّ فردٍ فيه. بهذا تقوى وترقى وتصعد وتتطور، وتستشعر أهمية المجتمع الذي تعمل معه وأهميتك فيه، أهميتك الحقيقة، لا تلك التي تجعلك تظنّ أن تماديك وخروجك خسارة كبرى، تذكّر أنَّك ستكون خاسرًا أيضًا، لأنّ الفريق بقي بمن فيه، وحدك الذي خرجت.
أروى بنت عبدالله
١٦ رمضان ١٤٤٢هـ
٢٩ ابريل ٢٠٢١م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق