مرحبًا،
أنا هنا في محاولةٍ جادّة لتجاهل النّص الذي كتبته اليوم قبل التّاسعة. نويت فيه كتابة درس عميق جدًا، تعلمته بصفعةٍ معنويّة تلقيتها من أحد الأساتذة الذين درّسوني مقرر مهارات الكتابة في سنوات الدراسة الأولى في الكلية. لكنني سطّرت حكايا كثيرة، عن المعلمين والمواقف التي حصلت لي معهم في رحلة تعلّم ذلك الدّرس، من دعم منهم الفكرة، ومن قولبها، ومن لم يكترث لها. وليس في كلّ تلك الحكايا ما يوصل إلى قلب الدّرس المراد مشاركته.
أكتشف في كلّ مرّة، أن تقصير المرء في كتابة ما يراه مهمًا في وقته، دون اكتراث إلى تعبه أو ما يعتقده من ضعف في قدرته على التعبير بسبب شغله، أو انتظاره نهاية الرحلة ليكتب عن الطّريق، أو أي سبب يؤجل به تفريغ المعنى الذي عاشه لحظتها... يُفقده القدرة على ترتيبه لاحقًا، ستتقافز أمامه كلّ الحِبال التي لمستها يده وهو يخطو جِسر تلك الرحلة، وقد تنفلت ويرى الجسر الذي سار عليه دربه كلّه متقطعًا وهاويًا إلى حيث لا يمكن استعادته. وقد لا يفقد قدرته بل على العكس، سيكسبه ذلك فيضًا غزيرًا من المعاني والأفكار، فتنسكب له انسكاب سيلِ الشتاء، لكنّها ربما تغرقه فيشقّ عليه الإتيان بالمراد أو ترتيبه في قالب جيّد.
من كلّ ذلك، لا أريد نشر النّص الذي كتبته، ولا حتّى هذا النّص. ولولا التّحدي، أكاد أجزم أنّ النّصوص العشرةِ هذه لم تنشر ولن. ولأننا وصلنا بهذا النّص إلى تمام الثّلث، أودّ أن أشكّر الأصدقاء القرّاء على حضورهم وقت نشر النّص أو صباح اليوم التالي، وأودّ أن أعتذر إليهم أيضًا عمّا يرونه من تخبط أو سأمٍ مثلما قالت ميعاد في النّصوص. والحقيقة، أننّي أكتب هذه النّصوص وأرى فيها صورةً غريبة لقرّاءٍ يتابعون تحدٍ هادئ بين منافستين صديقتين لهما روح رياضيّة مخيفة بسبب الوتيرة الباردة التي يسير بها تحديهما ظاهريًا. وذِكر القرّاء يزيد رغبتي في عدم النّشر، لا أريد أن أشير لهم حتّى لا يلعبوا لعبة الاختباء، أو أن يعتقدوا بتفرّدهم وحاجتنا لهم رغم أنّها الحقيقة التي أعرفها كقارئة قبل أن أكون كاتبة لعدد من النصوص.
شكرًا لكم يا أصدقاء، ما زال في الرّحلة مُتّسع، سنمر فيه بأيّام حافلة جدًا بإذن الله. بين استقبال رمضان، ومحاضرات الجامعة التي قد يتعارض وقتها مع صلاة التراويح، وتسليم أبحاث الفصل وعرضها للمناقشة، ثمّ ليالي السّهر التي يعقبها عمل صباحي في المكتب، وماذا أيضًا؟ تبدو الدائرةُ التي أشرت لها ضيقة جدًا بالنسبة للأشياء الأخرى التي أفعلها في الحياة. لن أكتب عن ذلك في العشرين يومًا القادمة بالطّبع، اممم، ربّما أتحدّث عن ساعة المشي اليومية، أو الخروج إلى البحر فجرًا، أو ساعة الاستيقاظ وقت السّحر، أو نادي إتقان التلاوة، أو عن النباتات التي أحبّها، أو الأطباق التي أستمتع بإعدادها والأخرى التي أستلذها، أو دورة الإعلام والقيم التي التحقت بها مؤخرًا، أو عن الكتاب الذي أقرأه حاليًا، كتاب الدكتور إحسان عباس أم روبن شارما يا ترى؟ عن صناعة الهدايا أم صناعة المحتوى؟ أم هل أخرج من دائرتي الشخصيّة لاختلاق قصّة طلبتها ميعاد؟
لا أعرف حقًّا كيف ستكون، رغم أنني وميعاد حاولنا في بداية الاتفاق وقبل انطلاق التحدّي.. كتابة قائمة بالمواضيع غير قائمة مواضيع تحديات الثلاثين المنتشرة والتي اكتشفنا أنها مترجمة أصلا عن تحدٍ أجنبي. اقترحتُ أن نقسّم التحدّي إلى ٣ مراحل، كلّ مرحلة ١٠ أيّام، نكتب عشرة نصوص من أدب المذكرات، وعشرة نصوص من أدب الرسائل، وعشرة نصوص من أدب القصّة القصيرة. لكننا بعد أسبوع من البحث قررنا تركه مفتوحًا بلا جدولة موضوع وبلا أفكار مخصصة. ولن نعرف صحة الفكرة أو نجاح التحدي بها من عدمه إن لم نجرّب العمل عليها، وهذا ما نفعله الآن...
أروى بنت عبدالله
٢٧ شعبان ١٤٤٢هـ
١٠ ابريل ٢٠٢١م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق