أكاد أكتب رسالةَ وداعٍ هذه الأيّام، للكتابة التي أصبحت ثِقلًا في أيام متفرقة من هذا الشّهر، وللمدونةِ التي لم أستطع الانفكاك عنها منذ ميلادها. أمّا الكتابة فأعرّف أن من المُحالِ هجرها، بينما لي مع المدونةِ محاولة واحدة وحيدة، أنشأت يومها مدونة جديدة على الووردبرس، بدأت فيها بكتابةِ قصّة عن فتًى سمّيته عزّام، كنتُ أحاول أن أنقل بها واقع الشباب الجديد كما يُحكى في الكُتب القديمة. جهّزت قبل أن أبدأ، عددًا من الشّخصيات، ومجموعة من المواقف، وبيانات عن أنماط الشخصيات، وتحليلًا لمعاني الأسماء التي اخترتها. وبالإضافةِ إلى المكان والزّمان، رسمتُ القريّة التي ستحدث فيها القصّة، وشلالَ ماءٍ غزيرٍ عند مصبّه شجرة خوخ كبيرة ظليلة. حتّى أنني كتبت مجموعة أحلام لمناماتِ الشّخصيات، وبحثت عن بعض تفسيراتها العامّة.
كان كلّ شيءٍ جاهزًا ومثاليًا لصُنع تحفةٍ فنيّة وأدبيّة عظيمة، قصة برسومات الكاتب. ولم أكن قد قرأت قصّة الأمير الصّغير وقتها، لا أعرف تفاصيلها ولا ملامح الرسومات فيها. وبعد أن وقعت في فخّ تفضيلها، تذكّرت قصتي المسكينة، لمَ لم أُكمل التّجربة يا ترى؟ لم يكن عندي وقتها ما خلقته في شخصية البَطَل من عَزمٍ سمّيته به، ولعلّ خفوت الشّعلةِ التي حملتها حينها طَمَس الطّريق أمامي. مضت ثلاث سنين، أو أربع ربما، من يدري.. تركت كلّ شيء وحذفت النّصوص التي نشرتها وأغلقت صفحةَ المدونة في أقل من شهرين حسبما أذكر.
عُدتُ بعدها إلى عالمٍ أَرحَب، كُنتَ فيه وأحوط حولَه. وجدت فجأةً ركنًا كاملًا في مكتبتي لكُتُبِ الأطفال، كَبُر أمامي حين كنتُ ملتفةً نحو غيره من الكُتُب. عرفتِ بعدها أنّ القصّة توقّفت لأنّها لم تستطع أن تتوازن، تميل ميلانًا غريبًا بين الأجيال، تخاطب الطّفل في جوفِ إنسان راشد، ثمّ تتحدّث بلسان الرّاشد إلى الطّفل. ضعت فأضعت كلّ شيء، وانفلتت كلّ الخطط التي رسمتها وتطايرت من ملفها.
لم أستطع بعدها الوقوف بشكل جادّ أمام نفسي لمواجهتها، عزمت عدّة مرّات على إكمال تحدّيات متعلقة بالكتابة ولم أكمل أيًّا منها، وإكمال هذا الواحد حَدَث جديد ومثير. أعرف أن انتظار الوقت المناسب للكتابة خُرافة، وأن في بعض الطّقوس أعذار واهية. ويا لِهَول ما للإنسان من انتصارات مؤجّلة، أُغلقت ملفاتها وأُهملت في أقسام التنفيذ الرّاكدة..
أروى بنت عبدالله
١٣ رمضان ١٤٤٢هـ
٢٦ ابريل ٢٠٢١م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق