الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

رسالةُ المسَاء | إلى المنهكين ..




هل يبدو الكونُ حزينًا لأنّ دمعاتك نزلت؟ هل تظنُ بأنّه سيقفُ ليشحنك بالطاقةِ التي تجعلك تواصل؟ هل تعتقدُ حقًا أنّهُ سيتلطّفُ لأنك تريد ذلك فحسب؟ هل إلقاءُ أمانيكِ إلى الريح أو الشاطئ سيجعلها تتحق؟ أو حتّى دفنهَا تحتَ كومِ تراب، هل ستثمرُ من عدم؟ 

إليك أنت المتعب من كُلِّ شيء، من لا شيء. إلى قلبك المخذول، أعني الخاذل نفسه. هل تظن بأنّ معجزةً قد تعيد لك الحياة؟ هل تنتظر تطبيبًا من غير نفسك؟ ألست المسؤول عن تعاستك وسعادتك بنفسك؟ ماذا الآن؟ تسخر من الألم الذي يعيشهُ الآخرون منكرًا ألمك؟ أنت تسخر من نفسك. لمَ قد تصبح عدوًّا للجميع بسبب خذلان صديق واحد؟ تعرف لماذا؟ لأنّه واحد. لأنّك لم تجرِّب ما مرّ بهِ غيرك من انكسارات. لأنك تجهل كمّ التجارب التي صقلتهُم، غيّرتهم، حرَّكتهم وأقامتهُم أيضًا. 

إنّ الخواءَ حولك يجعلك تنأى بعيدًا، إلى حيث لا أحد سواك. السّلام الذي تبحثُ عنهُ في داخلكِ، يسكنك حقًا. لكنك تغطيهِ بعمى بصيرتك التي اشتغلتَ عنها بانتهاك عذريةِ عينيك، بالصولِ والجولِ في برنامجٍ عابث وبرامجَ أخرى. التباعدُ والهُجران اللذان خلّفتهما كلمةُ ترابط المتمثلة في رمز صغير يُدعى وسيلةَ تواصلٍ اجتماعية، يجعلانك تَتَمللُ من أكثر الأشياءِ دهشةً. 

عندما تكونُ حزينًا، متعبًا ومثقلًا. انعزل لبرهة واستعد نفسك، لا تلقِ بالًا لمن يقولُ بأن ذلك خطأ. لا خطأ ولا خطر في أن ترفع نفسك بنفسك. هل تستخسر الوقت الذي تقضيهِ بعيدًا عن العالم الافتراضي بعلّةٍ كاذبةٍ تجعلك تظنّ بأن بعدك عنه بعدٌ عن أخبار العالم كلها؟ الزرُ الذي يقودك نحو بوابةِ القلق، لا توجه نظرك إليه. اللمسةُ التي تخون الوعد الذي قطعتهُ على نفسك، اكسر إصبعك عنها. الفكرة التي تصنع منك شكاكًا، أرسلها إلى مقبرةِ عقلك. عِش لنفسك بعيدًا عن صخبِ العلاقاتِ؛ وهميةً وواقعيّة. اكتفِ بعائلتك، بمن حولك في المحيط ولا تكترث بما يفعلهُ الآخرون. اصنع لنفسك وقتًا وحياةً ترفعك في الدارين، تجعلك أقوى وأكثر صلابةً عند مواجهةِ مصاعبِ الحياة. 


لن تتلطّف المعدةُ بقضمةِ نعناعٍ ألقيتها في فمك من كوبِ الشاي. لن ترتوي بجرعةِ ماءٍ ما سميتَ باسم الله قبل أخذها. لن تشبعك كسرةُ الخبز التي تناولتها صباحًا على عجلة. لن ترقى بالقراءة التي تفتعلها بلا تركيز. لن تفلح في تلوين الزهرةِ التي رسمتها في دفتر يومياتك. لن  تفعل ما لا تحاول فعلهُ بطريقةٍ مثاليةٍ صحيحةٍ لأنك منشغلٌ بغفلتك، غياب عقلك، طيران عينيك، بسرحانك في اللاشيء، منشغلٌ بالفراغ الذي لم تحاول الخروجَ منّه، بل وتُكابر مصرًا على البقاء فِيهِ بتعقل. ويكأنّهُ يستطيعُ تغييرَ نفسهِ بنفسهِ من تعقلكِ الأخرق! 


هل أنت غارقٌ للدرجةِ التي تجعلك ترمي بذرةَ برتقالٍ وسط البحر متأملًا نمو شجرةِ برتقالَ هائلة وسط البحر؟ هل عمليّةُ استزراعِ النعناع والخس التي قمت بها في مطبخ المنزل جعلتك تفكر بزراعةِ البحر؟ ماذا مزرعة في البحر؟ هل ستنعتُ نفسك بالحماقةِ لاحقًا لأنّك ما أحسنتَ الغرس وأسأتُ السقيا؟ .. #ماذا_لو كنتُ شجرةً عظيمة ممتدّة من قاعِ البحرِ ناطحةً السحاب أعلى كل شيء؟ 

#أروى_العَبريّة 
٢٦ صفر ١٤٣٧ هـ
٨ ديسمبر ٢٠١٥ م
١٠:٢٢ م الثلاثاء. 
-لا أسمح بنسخ النص، 
ولا جزء منه خارج المدونة. 
شاكرة مروركم- 

الخميس، 3 ديسمبر 2015

بعد الدعوة: هيّا لنحتفل ..




مرحبًا 
تعرفونني صحيح؟ 
أنا أروى .. 
أتيتُ لأكتبَ وِردي اليومي
وِردُ الحروفِ التي أسطرها،
دونما خُطّة .. 
... التي أُلقيهَا ولا أعرفُ عمَّ ستكون،
ولا أعرفُ إن كانت ستكتب نفسها أصلا. 
لا أعرفُ كونها بدايةَ قصّة أم مقال أم مسرحية
أو قصيدة .. 
لا أعرفُ إن كانت البدايةَ أصلًا .. 
لا أعرفُ من يقرأ 
من يتلهف ليقرأ 
من يشاركها 
من ومن 
ومن 
و 
لا أعرف. 
حتّى أنني أتخبطُ جهلًا هُنا ..
أجهلُ شعوري الحقيقي تجاه إكمال مدونتي عامها الثاني. لأنني وبداية كُلّ عامٍ جديد من عُمري أضعُ خطّة واضحةً لما أُريد تحقيقهُ. لكنني في المقابل لم أضع خطّةً لمدونتي. أكتبُ ما أكتبهُ لأنني أؤمن بأن الكتابةَ ممارسةٌ. على ذكرِ ذلك، وحسبَ ما ترددهُ الضامريّة دائمًا "اقرأ اقرأ اقرأ ثمّ أكتب". اممم، صحيح، عليك أن تقرأ وتقرأ وتقرأ ثمّ تكتب، لكن! القراءة وحدها لن تصنعك كاتبًا أبدًا. وفي المقابل، هُناك من يكتبُ ويكتب ويكتب دونَ أن يقرأ. وهذا خطأ فادحٌ آخر. يبدو الأمر محيّرا لكنّه حقيقةُ ما لا حقيقةَ واضحة فيه. حسنًا، إن اعتمدت على القراءة فقط لتصبح كاتبًا فأنت على الأرجح ستكون تابعًا لمن قرأت له. وقطعًا لن تصنع فنّك الخاصّ في الكتابة وفي أي مجالٍ آخر. ليست دعوةً لترك القراءة هذه المرّة لكنّها حقيقةٌ منسيّة، أنت تكتب ما تقرأ ولكن بصورة تمثل شخصك عوضًا عن شخص الكاتب وتمثل استيعابك لما قرأت. هذا، سبيل لتعلم الكتابة لكنّه سبيل يحتاجُ زادًا أكبر. زادًا اسمهُ دراسةُ الأدب لا قراءته فقط. هل تدرس ما تقرأ؟ أم تعبر عليه لتشحن عقلك بالمفردات والتراكيب أو الأفكار لتعيدها بقالبك الخاص؟ 

        - خرجت مما جئت إليه، وكتبت عن موضوعٍ استفزّني المتأدبون بهِ. الأدب ليس جمع الحروف ثم الكلمات ثم الجمل ثم ثم ثم النصوص، وإخراج كتاب يضمّها إلى بعضها رغمًا عن كل شيء. وضربًا بكل مفاهيم الأدب جهلًا. وقد قالها الأستاذ محمود الحسني شقيقُ معلمتي: "لا تؤلف كتابا بمجرد شعورك أنك تستطيع أن تكتب شيئا بحجم كتاب، وإنما حينما تشعر بأنك تستطيع أن تكتب شيئا مذهلا يستحق أن يكون في كتاب". وأنا أقولُ: تبًا للكتابةِ حينَ تُصبحَ بلا أساس أدبي، تبًا للكتابة التي تفسد فن الكتابة وتضرب بتاريخ الأدب عرض كل شيء.

"تَبَّتْ يَدَا ..." تبتّ يدٌ تكتب الأدب بقلّة أدب. رخُص الأدب حين رخُص الأدب الأخلاقي وانحلّت أُسس الحياء. ورخُصَ الأدبُ الأخلاقي حينَ رخصَ أدبُ الكاتب في عيونِ الكُتّاب، وحينَ غفلَ القراء عنهُ، وضاعوا بين كمّ الكُتب الها ا ا ئل. فجهلوا نقطة الانطلاق وتخبطوا بين العناوين، الأغلفة، أسماء المشاهير، الأسماء المستعارة، دور النشر، المعارض الدولية، المكتبات الالكترونية، تبًا تبًا. ضاعَ كُتَّاب الأدب بين تدشين كتاب وحفل توقيع و و و مهلًا. أنا أبحث عن أديب، أديب ترك كلمات أعرفُ أنّها لهُ من النظرةِ الأولى. 

هل أخبركُم شيئًا آخر؟ 
كنتُ أتحدّثُ ومُزنة عن شيءٍ مَا، طار بنا الموضوعُ كَمَا يطيرُ كُلّ مرَّة. حكيتُ لها بعض طقوسِ الكتابة. أجزم حينها بصدمتها خلف الشاشة. "يا للهول، ما هذ ا ا ا ؟" بين الحديثِ الطويل هُناك. استوقفتني جملتها "يبدو أنّكِ تحترمين ما تكتبين". بدأتُ أفكر لحظتها بجدية تامّة، هل أحترمُ نصوصي حقًا؟ ما الذي يجعلني أفعل ذلك إن كنت حقًا أحترمها؟ وما الذي قد يسبب عدم ذلك؟ أنا ألقي بعض النصوص عجلةً هُنا، وبعضها الآخر أركنهُ في زاويةٍ من غرفةِ الملاحظاتِ التي جاوزت زواياها ال١٢٥٣ ملاحظة. بينما عدد التدوينات هُنا لا يُجاوز المائة.  كنتُ قد كتبتُ مرَّةً: 
     " إنّ أسوأ فعل قد يرتكبهُ الإنسان بعدَ كتابتهِ. هُوَ أن ينشرها. نظرتيَّ السطحيةُ ذِه وحروفي المركونة في زوايا غرفةِ الملاحظاتِ هذه جعلتني أُحدّث نفسي فقط. أكتبُ لنفسي. وأرى في كُل ما أكتبهُ شيئًا لا يفهمهُ الآخرون، شيئًا يخصني وحدي. وأرى: أن نشرَها يُعطيها تاريخ صلاحيّة، تاريخ انتهاء، يومَ فناء. هكذا فقط، أُمحصّ الطقوسَ التي أكتبُ فيها أكثرَ من النصوص التي أكتبهَا. ذاكرتيَّ المرحومة/ تستصرخُ دائمًا. مخيخي الصغير، يحاولَ أن يكون كبيرًا عامّةً. يستعجلُ الأمورَ فقط. وكأنّهُ الأكثر اجتهادًا، أمقتُه حين يتوقعُ عددًا أو كلمةً. أمقتُ حساباتهِ المشاعريّة، وأتعجبُ دائمًا من حقيقةِ توقعاتهِ الفعليّة.

فكرةُ الكتابة بحدّ ذاتها تتضحُ من النصّ وتُظهر ما إذا كان الكاتبُ يريدُ أن يكتب ليكتب الكتابة فيه ليصعد بها، أم يكتب ليكتب فكرةً استحوذت عَلَيْهِ وعلى نصّهِ وأدبهِ وكُلّه. ومن الجديرِ بالذكر هُنا،". 

        - من المؤسف حقًا أنني لا أستطيع تذكُر: ما الذي كان جديرًا بالذكر هُناك؟ ومن المؤسف أكثر أنني أعرف سلفًا عدد القرّاء الذي سيمرّون على هذهِ الكلمات.  يجبُ أن تصرخ هذهِ الكلماتُ بنفسها. وتحاول صعود سلالم الانتشار بنفسها. كوني فتاةً لم يكُن لها تجارب نشر كثيرة لن يلتفت الكثيرون لما أكتبهُ هُنا. ومن المؤسف أنني لا أعرف ما إذا كانت الرسالةُ هذه ستصل للمعنين. بل ومن المؤسف أنّها وإن وصلت لن تلقى نصفَ التفاتةٍ حتّى. أصبحوا يقترفون الأدب لأنّهم يبحثونَ عَنِ المال. 
        - كما لا يعلمُ أمثال هؤلاء حقيقةَ أن النشر يتطلبُ مالًا للتصميمِ أولًا والطباعةِ ثمّ النشر. إنَّهُم يبيعونَ الكلمات بأربع مائة ألف دولار، كيف؟ من يصدق؟ الأمر سهل جدًا. كن مشهورًا تافهًا وستتهافتُ عليك الدور والمطابع، كُن مغنيا أو راقصةً أو حتّى ثرثارًا في مجتمعٍ لا يفهم. كُن قليلَ أدب وستصبحُ أديبًا قديرًا. 


*
بهذا أكون قد ألقيتُ كلمةَ الحفل، هل ستشاركونَ بشيء في حفلنا هذا؟ تفضلوا ... 

#أروىٰ_عبدُالله 
٢١ صفر ١٤٣٧ هـ
٣ ديسمبر ٢٠١٥ م
٢:٣٩ ص الخميس. 

الأحد، 29 نوفمبر 2015

دعوة: تعالوا لنكره القراءة ..




السَّلامُ .. 
لأولِ خمسة يقرؤون تدوينتي دائمًا .. للاثني عشر الذين يتبعونهُم بعد نصفِ ساعة وساعة للثلاثين والأربعين والسبعين والمائة والمائتين والثلاثة. تبًا، للأعداد الجميلة ولغير القبيحة. عندما تصبحُ الكتابةُ عددًا، أو دار نشر. ومناقصاتٍ ورقيّة بورقية باختلاف نوع الورق المختلف محتواه. عندما يحدد عدد الطبعات قيمة الكتاب الأدبية والفنية، دون الالتفات للأغراض التسويقية أو تجاهلها بمعنًى أصح. عندما تحدد المبيعات قيمة الهِبّةِ التي لا تقدّرُ بثمنٍ. قيمةَ العرقِ المُنصبِّ كنهر من جبينٍ لا يعرق. عندما يُصبحُ فعلُ الكتابةِ هرطقةَ ممثلٍ مفسد ومغنٍ متمايل وراقصٍ مائع وحتّى مشهورٍ في وسيلةِ تواصل اجتماعي افتراضية. تبًا. للكتابةِ حينَ تقعُ بين يدي هؤلاء وأمثالهم وغيرهم كالمتأدبين، منزاحةً عن دائرةِ الأدباء المنفيّةِ عن عوالمِ الانتشارِ بشكلٍ مقيتٍ جدًا. 

لنُقِم احتفالًا الآن .. لنُفلت زمام الحروف ونطلقهَا بالوناتِ هيليوم في السّماء. لنقطف أسس الأدب ونضعها داخلَ المزهريةٍ وسط طاولةِ الاحتفال. لننزع عباءةَ العفاف الأدبي ونرتدي فساتينَ الماركاتِ العالميّةِ المسيئة. هيّا، لنكسر عجلةَ ما كان ولنُدِر أصابعنَا مع لمسةِ الزرّ التي ستهزّ المكان بخلفيّةٍ موسيقيّةٍ عوضًا عن التركيزِ على مضمونِ بيتِ الشِعرِ ومقدمةِ القصّةِ المكتوبةِ بابتذالٍ تامٍّ وتذللٍ واضحٍ للمفرداتِ التي قُيدتْ قسرًا إلى مشنقةِ الكتابة الأدبية. 


الفكرةُ كرهٌ، الفكرةُ حبّةُ بطاطا. والفكرةُ أن نضعها في كيسٍ ونحملهُ معنا حيثُ نذهب. الفكرةُ استمرارية للفعل هذا. الفكرةُ تظهر، بعدَ أسبوع؟ أسبوعين؟ ثلاثة؟ لا أعلم. الفكرةُ عفنٌ. سيضيّق أنفاسك برائحتهِ النتنةِ. لو لم تكُن كرهتَ أحدًا، هل كنت لتحملَ عبء الشخص ذا حتّى يتعفّن في عقلك؟ حتّى تُصبحَ رائحةُ عقلك نتنةً لا تُطاق! تعرفون لمَ أدعُوكم لكُرهِ القراءة؟ 

         - لأنّكُم سيئونَ في اختيارِ ما يجبُ أن يُقرأ. ولأنّ الكثير من الحروفِ المبهرجةِ في كتاب مطرّز بتوقيعِ أحدهم، مغلفةٌ بالعفنّ الأدبي عوضًا عن العفاف. 


#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٧ صفر ١٤٣٧ هـ
٢٩ نوفمبر ٢٠١٥ م
١:٠٢ ص ٧:٥٥ م 
الأحد. 

الجمعة، 27 نوفمبر 2015

ضجيجُ الأرض |



مرحبًا، أنا هنا عنوة ..
كنتُ أفكر، بأشياء كثيرة لا أهميةَ لها. قادتني لتذكّر أشياء أكثر. أظنني أهلوس بشكل أو بآخر. أفعل الأشياء وأتأملّها بحذر. كتبتُ نصوصا كثيرة لكنني لم أنقلها من عقلي إلى ورقةٍ بعد، هذا يشعرني بالسوء كثيرًا. الأجدر بالذكر أنني أختلق السوء في نفسي أكثر. من العجيب أنني أطمئن في أوقات سيئة كثيرًا، والأسوأ أنني أكون سعيدة بهذا الاطمئنان. لعلّ السوء الحقيقي في نظرتي السيئة. مهلًا .. لا أرى سوءًا أبدًا كما أنني لا أنظر للأشياء بسوءٍ أبدًا. نفسي تحاول اختلاق ذلك.

في كُلِّ صباح تصفعني الشمس بأشعتها لكنني لا أضع حاجزًا بيني وبينها على غير العادة. أستشعر صفعاتها وأعيش لحظات جميلة وأنا أفتح عيني بصعوبة لرؤيتها. أتأمل تفاصيل الأشعة في أسطح السيارات حولي. هذه الشمس خُلقت لتصفعني بلطف، لتلسع تفاصيل وجهي، وتُفَتِّح عينيَ الغائرتين صباحًا. الأمرُ أشبهُ بالمعجزة، وأنا كالأسطورة. أتصنعُ الاستياء لأنّهُ يسكن أجزاءَ مني. حجمُ السوء الذي لا يراهُ الناس فينا يجب أن نعالج خلاياه، لا أن نُشعرهم بهِ، أو أن نعذّب أنفسنا بمحاولةِ التعايش معه. الهرب من تطبيبهِ جريمةٌ في حقّ أنفسنا. وكأننا نَكتُب عليها الشقاء. 


كلما تذكرتُ عبارةَ بثينة في كتابها عائشة "اغرسي قدميك في كبد الأرض وأورقي". أُفكر كثيرًا، لم يغرس الكثير من الناس أقدامهم في أماكنَ أُخرى؟ أو .. هل من الصواب أصلا غرسُ أقدامنا في كبدِ الأرض وليس في مكان آخر؟ كثيرا ما نغرسُ أقدامَ أفكارنا في عقولنا وأحلامنا في قلوبنا، لمَ لم نغرسها في أماكن أخرى؟ ماذا لو غرستُ هدفًا ما في كفّ يدي؟
 
            - وجهتُ نظري نحو باطن ساعدي الأيسر. رأيتُ بعوضةً. لم أتحرك، يجب ألّا أزعجها. لكن مهلًا، بعوضة؟ ستأخذ ما تبقى من دمٍ أعيش عليه. حركتُ كفي خاطفةً لكنها لم تتحرك، فصفعتها لتطير. لم أحرك عيني، بقيت أتأمل تفاصيل البقعة التي غرستِ البعوضةُ نفسها فيها، لتعيش. تركتْ نقطةً حمراء ويكأنها لمسةُ قلمِ حبر بعرضِ ثلاثة من عشر درجات. استغرق انتفاخها وقتًا، لم أكن لأصبرَ حتّى أرى حجمَ الدم الذي أخذتهُ مني، هل سأبقى على قيدِ الحياة أم ستقتلني بعوضةٌ تغذّت على سائلِ نقل الأكسجين في. آثرتُ فركها بمعدنِ هاتفي ستكونُ مسحةً مستقيمةَ الأبعاد. انتفختْ قليلًا واحمرّ ساعدي. الأمر طبيعي جدًا. ردّةِ فعل الجسم طبيعية جدًا. كذلك ال... 


التعب الذي ينغزُ أطرافنا طبيعيٌ جدًا. الإجهادٌ الذي يسقطنا في بئر نومٍ، طبيعيٌ جدًا. كُلُّ الأشياء طبيعية جدًا. السماء ذاتها، الأرض كذلك، وكل الأشياء طبيعية جدًا.

     - الغرابةُ تتلبسنَا نحنُ، حتّى يردينَا الحِملُ صرعى في فراش النوم، لا .. الموت الأصغر. الموت؟ هل الكلمةُ مخيفةٌ كثيرًا؟ نحنُ نموت كُلّ يوم وفي موتنا نحيا، نحيا في الرؤى أو الكوابيس. نحيا بعد ذلك أيضًا حياةَ الأحياء الذين أحياهم اللهُ بعدَ موتَتهمُ الصغرى. كلنا أموات بطريقةٍ أو بأخرى، إنّها ذاتُ الحقيقةِ التي نؤمنُ بها، حقيقة أننا أحياء.

 إنّ أنفاسك المتعبة هي الوضع الغير طبيعي. يداك اللتانِ لا تتحملان نفسيهما همّا الوضع الغير طبيعي. الهواء الذي يأبى إلّا والدخول إلى رئتيك لكنّه يعاندهما ويعاند نفسه، هو الوضع الغير طبيعي. الرعشةُ التي تنفضك نفضًا تحتَ أشعةِ الشمسِ الباردة وهواء جهاز التبريد الحار طبيعية إلّا أن مصدرها غير الطبيعي طبيعي. 



مهلًا ! 
أنت على الأرجح تائه، بين العنوان الملقي مع رابط تدوينتي، بين الحديث المتشعب كثيرًا في الأعلى. بين اللطف والقسوة في حروفي وتصرفاتيَ الافتراضية والواقعية لمن يعرفني. الخوف والطمأنينة. الضجيج والسكون. الوصل والقطيعة. الصمت والثرثرة. المتناقضات التي تجتمع فينا مجملًا وتفصيلًا. التي تثور بخمود وتخمد بثوران عظيم. كلنا جيّدون بصورة قد يلحظها البشر، لكننا في المقابل سيئون بشكل لا يتخيلونه. كلنا كومة من التناقضات الداخلية التي إن لم يحكمها أساس صحيح، أردتنى أسفل سافلين. تحطمنا بلا قيود وتحطُم كُلّ بناء نعملُ جاهدينَ لرفعهِ. الغموضُ التّام والوضوحُ المتجلي كشعلةِ شمعةٍ صغيرة في بقعةٍ معتمة. كل التناقضات، كلها كذلك. 


الكلمات تتدفق بلا معنًى، كنهرٍ يجري لأنّه جُبِل على ذلك. لأنّهُ فقط يستَطِيعُ الجريان. قد يكون اختار السكون لكن ضجيج الأرض تحتهُ يحرّكهُ، يستمرُ في تحريكهِ أكثر وأكثر بلا انقطاع يجري، يجري ...

-قُطعَ المشهد- 

أروىٰ بنت عبدُالله 
٨ صفر ١٤٣٧ هـ
٢٠ نوفمبر ٢٠١٥ م
٧:٤٣ م الجمعة. 
قبل أسبوع من تاريخ النشر

الاثنين، 23 نوفمبر 2015

استياءٌ عابر ..




الساعة الآن الثانية واثنين وعشرون دقيقة صباحًا. أردتُ تسطير رسالة فجريّة للعابرين ولكل من يقرأ أعرفه أم لا. المعرفة الشخصية لا تهم هنا. أنا أكتب لأنّ الله أنعم عليَ بذلك، ولأنني أُريد فعلَ ذلك حقًا.
.
.
.
الساعة الآن العاشرة إلا خمس دقائق، مساءً. هُناك الكثير من النصوص، لكنني على الأرجح سأنشر هذا. نص لا مغزى من كتابته سوى الهرب من متطلبات مشروع الفصل الجماعي. أكره الأعمال الجماعية كثيرا. إن لم أحرص على سير العمل كما يجب وأتحمل بنفسي سدّ النقص في البحث، سأفقد جزءًا من النقاط التي اجتهدت للحفاظ عليها رغم سخرية الزميلات.
.
يبدو النصّ ساذجًا. تبًا للتذمر. لا أُجيده أبدًا. يستحيل إلى تُرهات مع كل كلمة أنطقها أو أكتبها. تتلعثم الكلمات بين شفتي وكأنها كذبة. الأمر قسري، لا أملك خيارًا آخر. التذمر يشعرني بالسوء، كالخطيئة التي يعنّف مرتكبها نفسهُ بها. متناسيًا أُسسَ التوبة وملصقًا إياهَا فيهِ كوصمةِ عار لا ماحيَ لها.
التذمر نقطة سوداء: يراها البعضُ قطرةَ نفط تغنيهِ عن موارد أُخرى، لكنّها ترديه في نهاية المطاف. يراهَا آخرون شامةً مقدّسة على جبين الكون أو تحت عينه. مهما يكُن، لست في موضع بحث عن أقوال المحيط البائس الذي أراه جماعة أجساد تعيش لتكون قطعة طوب مرمية على قارعة الطريق.
 - أرى التذمر كالرّان الذي يضعهُ هاجر القرآن على قلبه. يضعهُ بينه وبين الحياة كاتبًا على نفسه الشقاء. رغم إدراكه التام لمعنى البؤس الذي سيعيشه بسبب ذلك. لا أنكر أننا بحاجةٍ لتفريغ الشحنات السلبية التي توالدها فينا قسوة المحيطات. لكنها تبقى عذرًا أضعف من أن يكسرنا ويردينا شخوصًا عادية يتقي الناس التعثر بأمثالها بُعدًا عنِ التمزق الذي قد يحطم الأهداف التي يبنونها لأنفسهم. بل وأعتبر إنكار ذلك ضعفًا أكبر، إذ كيف يمكن أن ينكر بشريٌ ضعفه؟
.
.
علي أن أتوقف. كان علي ألا أبدأ أصلا. يا لهُزال الحديثِ المقطوع ذا. تعرفون؟ سأواصل العمل على مشروع كان يفترض أن تعمل عليه ثلاث مخلوقات بشرية. لكن التعذر البشري الذي لا ينتهي يقفُ حائلًا بين البشر هؤلاء والنجاح الذي يغردون به. الأعذار التي تجعلهم في نهاية المطاف أجساد تعيش لأن أرواحها لم ترفع إلى السّماء بعد، أجساد منسية في مقابر قصية لا أثر واضح للجنازة التي سارت بها. ولا أثر للحياة التي عاشتها قبل تقديمها لمُغسّلِ الموتى. 
- لستُ فتاةً عظيمة ولم أحقق ما أسير له بعد لذا لا أراني جديرة بالحديث عن الذين غادروا الحياة حاملين معهم كل أمر مضَوا نحوهُ في حياتهم دون أدنى أثر. منطويةٌ كقديسةٍ لا تعرفُ من القداسة سوى هالة النور التي لا تراها في ما حولها لأنها لم تصل للوجهةِ التي ولّت وجهها نحوها.
.
.
الهرب واضح. في كلّ مرّة أقول فيها سأتوقف هُنا عند هذه الكلمة، ثمّ أصفّ بعدها عشرًا. صدقًا، الثقل الذي يرميه المجتمع على رأسك والذي يجعلك تحسب الكون يمشي فوقك لا العكس، يرديك مائة مرة متظاهرًا حشمك/ حمايتك بمحاولته مسح نقطة التذمر السوداء بنقطة أشدّ سوادًا. تحميل النفس عبء الآخرين بسبب قانون إجباري أمر مؤسف.
.
.
أكتب الآن نصًا أكره قراءته وأكره من يكتب مثله وأكره من يراه نصًا يستحق الذكر. نصًا سأندم على نشره إن نشرته. سأستاء من تزايد عدد قُرّاءه. كلّ شيء ينتهي على كل حال. كُره مؤقت، ندم سيُنسى واستياء عابر. الحياة تمضي ونحنُ نمضي وكل شيء يمضي، طال المُضي أم قصُر سينتهي.
.
.
السّلام عليكم وعلي، وعلى السوء المكتوبِ أجله. ذاك الذي يكون عمره قصيرًا بالنسبة لي، فيما مضى على الأقل. الوقت الضائع من حياتي بين هذه الفوضى التي لن تكملوا قراءتها على الأرجح ساعة تامّة تمامًا وقتيا مفزعا. كيف تقرر الكلمات التوقف هنا. إنّها الحادية عشرة إلا خمس دقائق. وداعًا.
.
.
 أروى ..
 23 نوفمبر 2015 م
 10:55 م الاثنين.




الخميس، 12 نوفمبر 2015

مذكرات | أروىٰ في الشام 1




قبل ستّ سنوات من الآن، كيفَ كان صباحي؟ أين كُنت؟ ماذا كنتُ أفعل؟ كيف كانتِ الحياةِ وقتها؟ يا لقدرةِ القدير، كيف كيّفَنا هُناك يومًا، ويومًا هُنا. 

كنتُ أصحو وصوتُ المطر على النافذة يوميا، أقصد المدرسةَ والشوارع غريقة. أعودُ منها عَلى صوتِ أهازيج جارتنا المُسنّة. وحفيدهَا الذي يدورُ حولهَا وهي تداعبُ أغصانَ الزيتون لتقطفَ ثمارَ جُهدهَا ولقمةَ العَيشِ التي تقتاتُ عليها سنينًا. عصرَ كُلّ يوم تخرجُ العائلةُ كُلّها، تتوزعُ حولَ المنزل لحصادِ الزيتون. ولدُها الذي شابَ مما لاقى في الحياةِ يهزّ الشجرةَ التي لا تسقطُ أوراقهَا فصل الخريف. رمزُ الزيتونِ هُناك كرمزِ النخيلِ هُنا في الخليجِ. بينهما أنَا، وبينهما يجبُ أن تكونَ أنت لأنّك مسلم، لأنّك عربي. 

أتذكرُ جيدًا خروجنَا في شوارعِ الحي وتراكضنَا الطويل، تزلجنَا على الرصيفِ تارةً وفي منتصفِ الشارعِ المُفرّغِ لنَا في ذلك الوقت تارةً أُخرى. أتذكَر الصباحات الحيّة بصوتِ المطر ورائحتهِ المختلطةِ بالمساحاتِ التي تغطيها أشجار الجوري المحيطة بشقتنا الأرضيَة في حي الرابية. حرصَ أبي على زراعتهِ بكافةِ ألوانهِ. هُناك من الأصفر واحدة، من الأحمر أربعة، من الزهري اثنتين ومن الأبيض ثلاثة احداها كبيرةٌ جدًا كشجرةِ الكلمنتينا التي كانت في منزلِ الجدّة التي يمتلك ابنها حصانًا أصيلًا جميلًا. كان يتركهُ في سهلٍ مطّلٍ على المنزلِ الذي غادرناهُ بسبب تشقق جدرانه. 

أتذكَرُ الصباحات التي تبدأ بالسلامِ على العمّ ياسر، كان لا ينفّكُ عن رفعِ صوتِ القرآن صباحًا، وهو مارٌ في شوارعِ إربد جامعًا إيانا ليومٍ دراسي جديد. أتذكرُ الهدوء الذي يتلبس ماما حنان مشرفة الحافلة صباحًا وصخب صوتها الحاني مساءً في طريقِ العودة. آه .. كانت العودة عودتين، عودةٌ من المدرسةِ إلى المنزل. وعودةٌ بالروحِ إلى فلسطين. 

أتذكرُ جيدًا الحزنَ الذي يتلبسُ كُلّ شيء، وجوهَ المعلمات نبرةَ أصواتهنّ السكُون الذي يطغى على قاعاتنا المدرسيّة، لم يكن يكسرهُ سوى صوتِ الأذان الذي يطلقهُ مؤذن مسجد المدرسةِ مسجد حسن البنا الملاصق لمبنى الذكور. كنّا نقصدهُ لحضورِ المحاضراتِ مع المعلمةِ التي تحرصُ على أخذنا إليه من حينٍ لآخر. أتذكرُ جيدًا معنى الحياد الذي يكسو ملامحنا ونحنُ نستمعُ للملحمةِ التي تُحدثهَا الانتفاضات، أتذكرُ جيدًا صوتَ بكاء الشيخ ختامَ كُل لقاءٍ داعيًا بالنصرِ لاخواننا المستضعفين في فلسطين وفي كلّ مكان. 

أتذكرُ الصورةَ التي التقطت لأشلاءِ الشهيد الشيخ أحمد ياسين، أتذكرها أكثر من كل شيء، لون الجدار، الشارع، ملامح الطريق، نوع الطائرة، ماذا؟ قطعًا لا يمكن لي تصورها بكلماتي الهزيلةِ هذه. وكأنني أُحاول بذلك منحَ الكلمات جزءًا من الدّقةِ التي تتميز بها أنظارنا عن الكاميرات الرقمية مهما بَلَغَ تطورها. أتذكرُ وجهَ معلمتيَ المُحمّر بكاءً والابتسامةُ تعلوهُ وهي تتدبرُ معنا قولَ اللهِ تعالى: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوٰتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ". كانت جلّ حياتنا دعاءً بالقوةِ والصبرِ والثبات والنصر وكل شيء. يُمثل الدعاء مفتاحَ كُلِّ شيء في وجودنا. سلامٌ على روحِ الشيخِ المؤسس. 


أتذكرُ وجهَ رجلٍ راشدٍ شابَ رأسهُ وشابت لحيتهُ، أتى مرَّة والأسى بادٍ عَلَيْهِ بشكلٍ لا يُطاق أبدًا. فتحَ بابَ الحافلةِ واستقرّ في مقعدهِ حتّى أنهتِ المعلمةُ إحصاء عددنا، وانطلق. كَانَ وجهه الآخر محمرًا، كان قد نسيَ فتح تسجيل أنشودة "عرس الحريّة" التي يبدأ بها عادةً. كَانَ بالهُ مشغولًا، يقودُ كالمعتاد لكنّه جريح، وما كَانَ جرحهُ سوى غزّة. غزّة التي أظلمت وقتها طويلًا وتقطّعت بأهلها سُبُل العيش. كان العمّ ياسر مهمومًا، وكنا نعلمُ همّه لأنّه همنا الذي نستذكرهُ كُلِّ صباح ونحنُ نردد في الطابورِ الصباحي قصيدةَ الشاعر إبراهيم طوقان:
مَوْطِني!
موْطِني!
اْلجَلالُ وَالْجَمالُ  وَالسَّناءُ وَالبَهاءُ
في رُباكْ
وَالحياةُ وَالنّجاةُ وَالهَناءُ وَالرَّجاءُ
في هواكْ
هلْ أراك سالماً مُنَعَّماً  وغانماً مُكَرَّمـاً
هَلْ أراك في عُــلاكْ تَبْلُــغُ السِّماكْ
مَوْطِني!
 مَوْطِني!
الشَّبابُ لَنْ يَكِلَّ ، هَمُّهُ أَنْ تَسْتَقِلَّ أَويَبيدْ ،
نَسْتَقي مِنَ الرَّدى وَلَنْ نَكونَ للْعدِا كَالعَبيدْ ،
لا نُريدُ ذُلَّنا المُؤبّدا وَعيشـَنا المُنكَّـــدا ،
لا نُـريدُ بَلْ نُعيــدْ  ، مَجْــدَنا التّليــدْ .
مَوْطِني!
الْحُسامُ وَاليَراعُ  لا الكَلامُ وَالنِّزاعُ
رَمْزُنا
مَجْدُنــا وَعَهْدُنا وواجبٌ إلى الوَفا
يَهُزُّنا
عِزُّنا!
غايةٌ تُشَرِّفُ  وَرايةٌ تُرَفْرِفُ
يا هَناك في عُلاك  قاهِراً عِـداك
مَوْطِني!

كانت الأحياء المحيطةُ بالمدرسةِ تضجّ بصوتنَا، نصرخُ من أعماقنَا ويكأنّ الطيورَ تحملنَا حجارةً من سجيل وتُسقطُ أصواتنَا على رؤوس كُلِّ مُعترضٍ على الانتفاضةِ والحركةِ الإسلاميّةِ في فلسطين. وتَحطِمُ بنَا الوجودَ الصهيونيَ في فلسطين، حطمًا. 

أتذكرُ ... 


#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
٣٠ مُحَرَّم ١٤٣٧ هـ
١٢ نوفمبر ٢٠١٥ م
١٢:٤١ ص الخميس. 

باجتماعِ نواحِ ثكلى 
وفرحهَا بالشهيد
أكتبُ ..  


الصورة لمدرستي ..
المدارس الإسلامية فرع إربد

ملاحظة: لا أسمح بنقل النصوص من المدونة، من يريدها فليحتفظ بالرابط. شاكرةٌ لكم. 

الأحد، 8 نوفمبر 2015

ميعَاد تقول: للكتابةِ ضريبة ..




كنتُ أتساءل ..
- هل نحنُ مسؤولون عمّا يفهمهُ القُرّاء؟ هل تهورهُم بسببِ فهمٍ خاطئ يُلحقنَا ذنبًا؟ هل علينا شرحُ نصوصنَا؟ هل يجبُ فهرسةُ كُلّ شيءٍ معنويًا ولغويًا؟ هل الكتابةُ تجعلنا سيئين في عيونُ القرّاء؟ هل نقع في الذنب حينَ نشككُ إنسانًا في نفسهِ بسببِ ما كتبنا؟ هل يجبُ أن نصرِّح من المقصودُ في كُلّ ما نكتبهُ لنقطعَ كُلِّ شكٍ باليقين الذي لا احتمالَ آخر فيه؟ ألن يصبحَ فعلُ الكتابةِ حينها مملًا وبلا مغزًى؟ هل من الصوابِ أن نشعرَ بالسوءِ من نظرةِ القرّاء العميقةِ أو القاصرة؟ 

هل تحمِّلُنا الكتابةُ كلَّ هذا السوء؟ هل تجعلنا الأقسى والأكثر صلابةً والأكثر معرفةً والأنقى، بسبب وجهةِ نظرِ القرّاء؟ هل الكتابةُ لعنةٌ فعلا، أعني بذلك: هل هي طردٌ من رحمةِ الحياةِ؟ أو رحمةِ العقول؟ 

هل نحنُ سيئون لأننا نكتبُ عن أنفسنا ما يحسبهُ الجميعُ عنه؟ هل نحنُ حمقى حينَ "نكتبُ شيئًا يرى فِيهِ الجميعُ شيئًا يخصّه"؟ هل يمكن أن يقتتلَ البشرُ بسببِ كلمةٍ كان ذنبها أنها كُتبت؟ نعم يمكن، لذا/ هل يجبُ أن يتحمّل كاتبها الوِزر الذي يأتي بعدها؟ 

تساؤلاتُ كثيرة .. لكنّها بإجابةٍ وحيدة/ لا. 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٨ مُحَرَّم ١٤٣٧ هـ
٣١ أكتوبر ٢٠١٥ م
٤:٠٩ م السبت.

الجمعة، 30 أكتوبر 2015

رسالة صباحيّة | هل استيقظت حقًا؟




يحضنُ الكونُ أحلامك، يطبطبُ على روحك، يُحاولُ أن يتحدث معك، ليقول: كُن قويًا وحافظ على طموحاتك، حافظ على نفسك، واسعَ نحو القمّة بالهِمّة.

اضرب وجهك بالماء، امسح الغبار عن ذاكرة الأمس. انسَ هموم ليلتك. توقف عن ذمّ مجريات الحياة، توقف عن وصف غدر الدنيا. امسح الغبار عن عقلك، نظفهُ تنظيفًا يبعد فكرة أن الأساس هو الشقاء والحزن. تفكّر في كونِ الدنيا ذي، طريقًا إلى الجنَّة. هل ستمضي بشكك إليها أم باليقينِ التّام؟ هل كُنت ستبقى على قيد الحياة إن كنت تراها بهذا القدر من البؤس؟ هل سيشقيك الله وهو يريد سعادتك؟ هل كُل المنافي سجون؟ قطعًا، لا يمكن. الأبلغ: هل تعتقد بأن الطريق إلى النور مظلمٌ دائمًا؟ 

هل تظن بأن هُناك من يقاسمك الوجع حقًا؟ نعم، لكنّه لا يعرف ما وجعي. لا، لأنه يعرف وجعي ولن يدركه. تناقضات قد تقود إلى الجنون. دوَّامة التفكير هذه هي التي تُحوّلك إعصارًا كان مجرد منخفض جوي أتى بالغيث. هل ستسمحُ لموجةِ الوجع أو التساؤل هذه، أن تسيطر عليك؟ نعم، أنت تُملكها نفسك وحياتك. حتّى تدرك بأن التفكير في أمرٍ كذَا ضياعٌ ونوعٌ من الفراغ. إذا عرفت نفسك فاعرف أيضًا، أن: لا حقيقة إلا التي تحملها في داخلك. 

حتّى الرئة لم تعد تستقبل الأكسجين براحة، تقول لك: استيقظ، عُد لليقين الذي كُنت فيه. استعد نورك من محكم التنزيل، كفاك ولوجًا في ظلام المجهول. قوّم أيامك، اسعد، ولا تبتئس. تنفس بعمق، واذكر الله ذكرًا كثيرًا. حادث الله بلا تردد، أفصح دون خجل، أفصح بأريحيةِ تامّة، فضفض فؤادك بصدق لأنّك تُخاطب الأقرب، الأقرب إليك أنت، أنت بالذات. اقطع شكك، واطلب اليقين من الله. من الله وحده. 


صمتك صاخبٌ جدًا، 
... اهدأ 
ستتأذى أُذنك.

       - هكذا تمامًا، عليك أن تتحدث، تتحدث مع نفسك بصوتك المسموع. بكلماتك التي تقرؤها وحدك. انظر إلى نفسك في المرآة، أمعِن النظر أكثر وأكثر واسأل نفسك: ماذا أريدُ من الحياة؟ ماذا سأترك خلفي؟ ما الذي جعلك تستيقظ صباحًا، ما الذي يجب أن أسعى إليه؟ ما الغاية التي تقضّ مضجعي؟ ما الأسطورةُ التي يجب أن تسطّر في حياتي وبعد مماتي؟ 

هل ترى تفاصيل وجهك جيدًا؟ نعم، الحمدُلله. 
تحدّث الآن .. تحدّث إليك، قُل لك:
       - كُن نفسك، لا تهرب من ذاتك. اعترف لنفسك بما شئت، بعيدًا عن كُلّ شيء. قف مع نفسك، قوّمها، اسع للجنَّة، لا تتبع خطوات الشيطان. برئ نفسك، قدها لمصدر الحقيقةِ وابحث. استمع، وحكّم عقلك. عَقِّل نفسك، ولا تنسَ أن تستفتيَ قلبك. أرِح نفسك الآن، استخر واختر المستشار الذي تثق بأنّه مؤتمن. 

تصالح مع الحياة .. وامضِ بروحك إلى الجنَّة. 
توضأ الآن، وحلّق بالروحِ ذي بعيدًا كطيرٍ طليق وجد الطريق الذي سيوصلهُ إلى صنعةٍ ما، تحقق له أسطورته. افرد جناحيك وتناول مصحفك، اقرأ الآن: ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَٰبَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا.

ادعُ الله كثيرًا، كثيرًا جدًا. 
هبني الطمأنينة يا ربّ .. 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٧ مُحَرَّم ١٤٣٧ هـ
٣٠ أكتوبر ٢٠١٥ م
٦:٣٩ ص الجمعة. 

الجمعة، 23 أكتوبر 2015

حينَ يصمتُ الجميع، هُنا ثورتي.



-

يتساقطُ القُرّاء
والنصوصُ تتثاءب .. 
تكدّس الغُبار،
رفوفُ المكتبات مُصابةٌ بفايروس البين 
بين وصلٍ مفاجئٍ وانقطاعٍ طويل .. 
السّكونُ المُعتاد أصبح قاتمًا جدًا،
بائسًا وذا طابعٍ كئيب .. 
التفاعلات الكيميائية بلا نتائج حقيقية.
الفيزيائيونَ متعبون جدًا،
ترهقهُم نوبات الخمول الدراسي، وترديهم. 
السُّوق في تضارباتٍ عكسيّة،
ترتفعُ موجتهُ كُلمَا نزل سهم .. 
وترخُص مع كُلَّ الارتفاع، الأرواح.
الغرسُ المزروعُ في كبدِ الأرض يورق،
من الجيد أنّهُ يفعل، وإن كان بطيئًا. 
القوانينُ مُنتهكة .. واللوائحُ غير مطبّقة 
موجةُ اعتراض وموجةُ مساندة، قليلًا 
وتسكن الموجاتُ .
دوامةٌ دائرة لن تتعثرَ بزاوِية، 
لن يخرقها خنجز، 
ولن تثقبهَا رصاصة .. 

ماذا نفعل نحن؟ 
- نُشارك العالم سكونه، يومًا 
ونعود لننفُخَ هواءً يشفي هوانَا
تخفت الأضواء وتستكينُ الخطوب 
نُمطر بغزارةٍ حينَ يقنطُ المحيط 
ونستحيلُ صحارى، في لحظةِ .. 
نعودُ رواءً، نسقي أرضَ ماضينا 
ونقطفُ حُلو حاضرنَا، ونغدو ..
.. في طريقِ الحُلم،
نستبقُ الخُطى طربًا ..
فيوتشريَا. 

ماذا إن كانت الـ... عدوى؟ 
العدوى التي تُحيلُ الكونَ
حديقةَ وردٍ، و...
بستانَ ليمون، رُبما. 
تلالَ دحنونٍ،
في تل الربيع الفلسطيني. 
معين الأردنيّة ..
أو وغاباتِ فرلّق في لاذقيّةِ سوريّا. 
أو حتّى شلالًا من ناعورةٍ في حماة. 
أو حتّى شجرة، قُرب شاطئ طرطوسَ. 

أتذكرُ شارع سعيد العاص، 
وحديقةَ أُم الحسن ..
القلعة والحارات القديمة. 
طليطلة والفُندقَ في بلودان. 
حي الصالحية، 
سوق الشيخ محي الدين يوم الجمعة. 
حمص، حلب، 
والسيدة العجوز التي صنعت فطائر الغداء
في .. معرّة النعمان. 
الشاب الذي سيّج أرضهُ بالزيتون.
جبال إدلب والفتنة في أضواءها الليلة .. 
.
.
كذلك: قبلَ ستّ سنواتٍ تامّة ..
هُناك: قبلها، 
    قبلها، والآن. 
والآن الآآآآآن .. لأنّك؟ ت ك ت ب. 

أروى هُناك .. أروى هنا 
أروى تفردُ يديهَا كجناحين 
وتُنادي من حدّ جسر الشغور
: أبي أبي التقط لي صورةً هُنا. 

آه .. 
هل ذكرُ إدلب وجسر الشغور 
يُعيدني إلى الحاضر بقسوة؟ 
بالقسوةِ ذاتها التي تمثّلت يوم ...
م ج ز ر ة .. ج س ر .. ا ل ش غ و ر. 

يشتعل في داخلي حريق الحروف وأنا أكتبُ هذا، أعيش الحدث كأنني لم أعش حقيقة من قبل. أنا أستعيدَ جذورَ الصنوبر، وأصفَ بها رماد الغابات. بين الماضي والحاضر، نُقطة التقاء في داخلي، في داخلي فقط. وقفت للحظة أكتُب ما خشيت كتابتهُ حتّى لا تستغنيَ عنهُ الذاكرةُ للورق، حاربت خوفي. وكتبت، كتبت لتُخلّده زمانًا طويلًا حتّى الانقضاء. مهلًا، أكمل وصف ما بك. ثُم عُد لترى نتاجَ نيرانك. تابع نفخها، تابع. وأشعلها فيك أكثر وأكثر. هيّا، اكتب. اكتب.

كتبت كتبت يا أروى، كتبت، كتبت يا أنا كتبت. و ... تمزّقت فيّ جلودٌ وأغرقتني دماء. خنقني دُخَان الدفاترِ ورائحةُ الموتى. في اللحظةِ التي أخافني منهَا، ويخافني العالم منها. عن حركةِ الهواء والهوى. عَنِ النيرانِ الملتهبةُ سكونًا. عن النحيبِ في منتصفِ الليل. عني أنا، أكتُب. 

*بلا انتهاء 
كالدمِ المراق 
كالجياع 
كالحُب 
كالأطفال 
كالموتى 
هُوَ ال... 

   أ   ر   و   ى   .
بجُزءٍ من الذاكرةِ المخبوءة. 
١٠ مُحَرَّم ١٤٣٧ هـ
٢٣ أكتوبر ٢٠١٥ م
جُمعةُ الغضبِ، 
بتوقيتِ #انتفاضة_القدس
الثالثة. 

الخميس، 22 أكتوبر 2015

أين المشكلة؟




المشكلة ليست في جهلنا وحسب، بل وفي ما نعرفهُ أيضًا. المشاكلُ نتاجُ تفكيرنا قبل أن تكونَ نتاجَ أي شيء آخر. أن تنامَ باطمئنان في غرفةٍ يسكنهَا معك فأر أمرٌ عاديٌ جدًا وطبيعي حينَ تكونُ جاهلًا بوجودهِ. ما إن تكتشف حتّى تساوركَ المخاوف وتفزعُ هاربًا من سريرك، لماذا؟ لأنك عرفت. 

إن أتينا لواقع الحياةِ، سنجدُ أن المشكلة الحقيقة ليست في ما نتعلم، بل في أسلوب تعايشنا مع الأحداث والعلم في آن واحد. كما أن بعض الأمور من الأفضل أن تبقى مخفية. والعموم الحقيقي الظاهر هو جهل ربط العلوم بالحياة. كالمتلبسين بالدين! أمقتهُم كثيرًا، أولئك الذين يملكونَ الدين علمًا بدون عمل. ما فائدة ما في جعبتك؟

اللهُ ربك الله حسبك، قُم وانفض عنك أوهام العلم الغزير الذي تتلبسه، ابحث عن نفسك وأدرك جهلك لتنحرهُ قبل أن يعدمك ميدانيًا أمام أهل العلم فيرديكِ طريحًا كصهيوني دُهسَ بعد أن صعرَ خدّهُ متلبسًا القوّة من الضعف والخوف. يكفيكَ المثال ذا، ليجعلك تشمئز من نفسك وعدم عملك بما تملك من علم. 

قُم .. اعمل .. الأُمّة تنتظرك ! 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
٩ محرم ١٤٣٧ هـ
٢٢ أكتوبر ٢٠١٥ م
١:٢٦ ص الخميس. 

الأحد، 18 أكتوبر 2015

أين كان خوفك؟



-



تخيّل هلاك الكونِ ذَا. كُوّرتِ الشمس. انكدرتِ النجوم. سيّرت الجبال. عطلت العِشار. حشرت الوحوش. سجّرت البحار. 

قم وانتفض هيّا، 
توضأ 
تناول مصحفك 
افتحه على سورةِ التكوير. 
اقرأ، 
تدبّر، 
انقلابٌ كوني هااائل. 
كاااامل. 
يُذهب ما ألفته، 
يُبدل كل شيء. 
يهيج السكون، 
يروّع الآمن. 
أين أنت؟ 


- أتخيلت الموقف؟ 
اهتزت أطرافك. تجمدت، واحترّ جسدك. 
نُشرت الصحف. 
أتعلمُ؟ 
    ما أحضرت،    نفسك؟ 

سعّرت الجحيم. 
أزلفت الجنَّة. 
ماذا الآن؟ 

هل أنت خائف؟ لمَ تخاف؟ 
[ مع كُلّ الرجاء في داخلك قبل كُل ذَا، 
أين كان خوفك؟ 

أين كان خوفك؟ 


*أروى بنت عبدُالله 
١١ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
٢٤ سبتمبر ٢٠١٥ م
الخميس. 

الأحد، 11 أكتوبر 2015

طقوسُ الكتابة1 | صباحُ الانتفاضة ..




مرحبًا جميعًا 
هُنا كلماتٌ مِلؤهَا الحماسةُ والنشاط
كلماتٌ أُسطرهَا بشغفٍ كبيرٍ وأحلامٍ أكبر. 
هُنا أنا أنتشي وأزرعُ في نفسيَ القوّة 
هُنا أبدأ وأنتهي، هُنا أموتُ وأحيا. 
هُنا أنا أنا، وأنت أنت، وأنتم أنتم. 
هُنا كُلنَا نمضي في طريقٍ طويلٍ،
طويلٍ جدًا. 
لكننا نستلذّهُ ونستمتعُ بمرارتهِ،
كالقهوةِ تمامًا. 
ورُبما طعمًا أمرّ لكنّهُ أحلى،
في الذاكرةٍ الذوقيةِ لمن لا يرتشفونَ القهوة المرّةَ كما أفعُل حينَ أحتاجُ لتذوقِ مرارةِ الحياةِ، لأذوقُ البؤسَ الذي يتخيلهُ العالم. 
القهوةُ 
معاناةُ القراءِ
ولذّةُ الكُتّاب
وبنكرياسُ البين بين. 
بالمُناسبةِ، هي ...
أعمق من أن تُنسب لقارئ أو كاتب
والقراءةُ مقدّسةُ أكثر من ارتابطها بالقهوة. 
والكتابةُ أكثرُ قُدسية من كليهما. 

سأحدثني، وأحدث ذاتك، وأحدثكم/
- حروفًا. أذبُّ بهَا تقاعسكُم. وأشفي بهَا لسعةَ نحلِ الجبالِ المسكين. أمسح بها دموعكُم، وركودَ بحاركم. أحكيني بها، وأُحاضرها لَكُم بمحاصرتها حولي وحولَ شُعاعِ أفكاري. 

ءءءءءءءاااااااا .. 
لعلّهُ أجملُ شعورُ، حينَ أفتحُ فمي لأزفرَ كمّ هواءٍ بعواءٍ يستقرُّ في رئتي ويدفء أُذني. أطلبُ بهِ الله فرجًا للكلماتِ التي تتربعُ خلاياي ومسافاتيَ البينيةَ حيثُ وجدتُ. أسألهُ بها طولَ نفسٍ وقوّةً. كُلّ هذه الطقوس وأنا أُدرك بأني لن أُصدرَ أدنى صوت وأنا أكتب. لأن الكتابة فيَّ هدوءٌ مقيتٌ وطقسٌ غريب مستنكر. صَلاةٌ روحيةٌ تنتشلني من الدنيا إلى الآخرة، من محيط الأرض ومساحتهَا إلى سماواتِ الله التي تتفتحُ لي بالدعاء. 

حسنًا سأبدأ الآن/ أرجو أن أكون بخيرٍ بعدَ كُلّ هذا، أرجو أن تكون بخيرٍ بعد هذا، أرجو أن تكونوا بخيرٍ بعد هذا. سأصدقُ فيما أكتبُ ككلِّ مرَّة، لأكون بخير. كن صادقًا مع الله لتكونَ بخيرٍ دائمًا وأبدًا. كونوا مع الله لتكونوا بخيرٍ. 
.
.
.
.
سأنام، وأُكملها صباحًا. 
لأنّ انشراحَ الصباحِ أعمق.
.
.
مرحبًا 
هُنا صباحُ الأنين 
صباحُ الانتفاضةِ 
وصورة الرجلِ المُسن، الذي تردى إثرَ رصاصةِ غاصب أصابت قلبهُ مجازًا منذ سنين طو و و و يلة وأصابتهُ حقيقةً هذهِ المرّة. لتُعلنَ ضعف جماعةِ الصهاينة وقوّة الفردِ الفلسطيني. 
ليسَ صباحًا أسطرُ فِيهِ معاني الانشراح وقوةِ الأحلام التي يدفهَا عمقُ اليقين. الغصةُ التي تحاصرني وتحاصرُ هذه الأرض، شعرَ بها البشر أم لم يشعروا. ستقتلنا. لأنهَا تعصرُ معنى كُلَّ شيء. ستُصرعُ في ساحةِ الهوى الماجن الذي أردى سفهاء القومِ، الحضيض. 

أُمي فلسطين لا تأسي ولا تهني.
سلامٌ عليك، سلامٌ علي، سلامٌ عليكُم. 

 آسفةٌ لنفسي على كُلِّ شيء أعرفهُ وكلّ الأشياء التي لا أعرفهَا، آسفةٌ لك على كُلِّ شيءٍ تعرفهُ/تعرفينهُ وكلّ الأشياء التي لا، آسفةٌ جميعًا على كُلِّ شيء تعرفونهُ وكلّ الأشياءِ التي لا تعرفونهَا.
٨:٠٧ ص.  

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
٢٧ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
١١ أكتوبر ٢٠١٥ م
الأحد. 

الخميس، 1 أكتوبر 2015

مذكرات1 | أتحدثُ عني لـ ...




مرحبًا .. 
أعلمُ أنك في مكانٍ ما. تقرأ. وتشاهُد بصمتٍ مطبقٍ. 
اتخذت على نفسك عهدًا وهو ألّا تبتسمَ أبدًا. أبدًا لن تبتسم إلّا لعاملةِ النظافةِ التي تُقابلُها كلَّ صباح. وإمساك ابتسامتك يتطلبُ صبرًا عظيمًا عَنِ الكلامِ مع البشر، هَذَا وأنت الانسان الاجتماعي المبادر دائمًا. رأيتُ أن الأحداث كمسرحيةٍ هزليةٍ هزيلةِ المعاني وضعيفةِ البنيان، ركيكة التركيب ومسيئة جدًا. 

كُلّ الأحداثِ التي تخبطت في جدارِ ذهنكِ، ستتحققُّ يقينًا يومًا ما. إنّ الكآبةَ التي يصفهَا النَّاسُ فيكَ جهلًا مِنْهُم بك، ليست بشيء. العُزلةُ التي تطيرُ فيها بحرّيّة وانشراح ليست حِملًا يقتلك أو يثقل كاهلك. العزلةُ فضاءٌ واسعٌ يريك الحياة بصورتهَا الحقيقيّة فيك دون تأثيرٍ خارجي. إيمانك بالسعادة التي تعيشهَا مع كُلِّ خطوة كفيلٌ بأن يُديم سعادتك تلك، لأنها الأمر الذي لا تطالهُ يدّ بشري، سواك. 

سعيدةٌ جدًا، بالابتسامةِ التي تمنحُنيهَا عاملةُ النظافةِ كُلّ يوم. سعيدةٌ بالأفكار التي تُلون عيني لحظة سيري في الممر الموحشِ اختلاطه. سعيدةٌ بإمساك نفسي عن التبسم في وجوه الحمقى، ولو سهوًا. سعيدةٌ بجلوسي عند النافذة في زاوية المكتبة بعيدًا عن ضَوضَاء المحيط حولي. سعيدةٌ بالكتابِ الذي أُجالسه كُلما ركنتُ إلى مساحةٍ في كراسي الاستقبال الداخلية. سعيدةٌ بالحماسةِ التي أعيشهَا في داخلي، في داخلي فقط. دونَ أدنى لمحةٍ من بشري لها.  و... سعيدةٌ بكوبِ الشاي الذي أرتشفهُ قطرةً قطرة في طريقي إلى بوشر. 

حسنًا، صعودي للطابقِ الرابع عقلًا الثالث اسمًا، من درجِ الطوارئ ليسَ كآبةً كما تقولُ الفتاةُ التي تسألني من أينَ تأتين، ليسَ عبطًا ولا جنونًا. ما هو إلّا مُحاولةُ هروبٍ من سفاهةِ المجتمع في الأماكنِ العامَّةِ. عدمُ التوّجه للمطعم ليسَ صومًا عن الطعام، بل صومٌ وابتعادٌ آخر عن سفاهةٍ أُخرى. إنني أمقتُ الأشياء كثيرًا. كثيرًا جدًا. أمقتُ الاختلاط. أمقتُ مفهوم الحريّة المنتشر في كُلّ شيء إلّا في نفسهِ وفي السلام. أمقتُ الأشياء لكنني لا أمقتُ الأماكن أبدًا، بل وأتعلقُ بالجماداتِ وكأنهَا حيّة ولو كانت حيّة بالفعل لابتعدتُ عنهَا كما أبتعدُ عن الأحياء بترف المظهر ومجاعةِ الشعورِ. 

عني لنفسي ! وأقولُ لَكُم ..
- حينَ يباغتكُم طيفُ اللامعقول وإستحالة الوصولِ، قاوموا تلك البواعث وامضوا لأن الوقوفَ لمحاولةِ استرضاءِ ما حولكم لن تجدي. كونوا أقوياء بالله لتكونوا بخير.

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٦ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
١ أكتوبر ٢٠١٥ م
١٢:٠٥ص الخميس. 

الخميس، 17 سبتمبر 2015

لمن نعيش ؟ ..



مرحبًا، نحنُ البشر. حمقى وخونة. حمقى مع أنفسنا، ونخونُ ضمائرنا. رغم إدراكنا التام لما ستؤول إليه الأمور في أحيان كثيرة. إلّا أننا نستمرُ لأجل الحياة. لنعيش. الموت مدةٌ زمنية منقضية، بعدها حياةٌ سرمدية. نحنُ خُلقنا لنعيش حتّى بعد الممات. الفرق الوحيد هو أنّ الحياتين تعتمدُ أُخراهما على الأولى. علينا أن نؤمن بذواتنا، لأننا نحملُ على عاتقنا أمانةَ أعناقنا. أمانةَ حياتنا الثانية.

قد تتذمرُ مما أخذته نفسك عليك الآن. تتمنى لو أنك تولدُ من جديد لتحيا بشكل آخر. تتمنى لو أن بعض السنين على الأقل، يمكن أن تعود. ورغم تمامِ يقينكَ باستحالةِ حدوث ذلك. لا تسأم من تكرار أحلامك. ليس لأنك جاهل. ولكن! لأنك خلقت لتعيش. تطمع لتعيش بكرامة. الكرامة التي تحمل مفاهيم مختلفة من شخص لآخر، مهما اتفق اللغويون على مفهوم لها. 

أنت تتجاهل في نفسك تلك الرغبة لأنك يائس. لست يائسًا من الحياة ولا من واهبها. حاشاك. لكن! أنت يائس من نفسك. من الكيان الذي تبنيه وتحطمه في داخلك. تتمنى لو كنت ملاكًا ليتسنى لك العيش بقُدسيّةٍ محمودة. لتغسل نفسك من أوزارك الماضية. رغم كُلِّ شيء، تبقى إنسيًا. ولا يجدر بك إنكار حقيقة وجودك، لأنك تؤمن بأن للكون هذا إلاهًا لن يغفل عنك لأنه مشغول بغيرك. تؤمن بأنه أقرب إليك من حبل الوريد. الحبل الذي تهدد نفسك به رغم خوفكَ من أن يمسه سوء. 

عُد لحقيقة إيجادك لتدرك جهلك ولتثبت لنفسك حمقك. مهما حمت ولففت حول موقفك من الحياة. تبقى فيك الرغبة الملحة في إنقاذ الغير. ألم تدرك بعد! أن الذي يجب أن تنقذه أولًا نفسك. نفسك أنت. التي تحملها بين أضلعك. التي تنغرس فيك أكثر مع كُلِّ شعورٍ يسيطرُ عليك ولو لوهلةٍ فقط. استيقظ استيقظ ولا تنكر وجودك فيك وحاجتك لنفسك. 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٣ ذو القعدة ١٤٣٦ هـ
٢٨ أغسطس ٢٠١٥ م

الخميس، 10 سبتمبر 2015

كُلُّ الدروبِ طويلةٌ ..




كُلمَا أتيتُ لأكتب، أسرَحُ بعيدًا قبلَ أن أخُطَّ الحرفَ الثاني من الكلمةِ الأُولى. تنتشي فيّ الأفكارُ بمشاعرهَا، والصحُو من كُلِّ ذلك يكونُ بعدَ أن أقرر التوقف عَنِ اللعب في محطةِ القطار التي أركضُ بفتاهَا طويلًا، طويلًا جدًا. 
- إنّ أصعبَ أمرٍ قد يطلبهُ مني بشري، هو أن أُقرّ لشيءٍ مَا. أن تكونَ بين شفتيَ، كلمةُ الحسمِ الأخيرة. قرارُ اتخاذِ القرارِ بحدّ ذاتهِ، أرقٌ.

الحقيقةُ هُنا، أن القرارَ الذي طُلبَ منيَ الإدلاءُ بهِ كَانَ قرارَ الرحيل. لطالمَا قلتُ "الرحيلُ ليسَ خيارًا سهلًا، لذَا فالراحلونَ عادةً يستجلبونَ الشجاعةَ، يتلبسونهَا! ويطلبونَ من اللهِ القوّة. القوّة. يحتسبونَ رحيلهُم لله." لك يا ربّ. أدعو كثيرًا/ اللهُ بقوّتهِ معي، اللهُ بقوّتهِ معهُم. معنَا أنتَ يا ربّ. لنَا أنت يا ربّ وحدك، وحدكَ لا شريكَ لك. 

بعدَ كُلِّ الكلماتِ المكسوةِ بطابعِ القوّة البشرِيّةِ، أبقى الضعيفة الخائفة. كنتُ أهتزُ من هيبةِ اسمِ اللهِ لأتخطى مرحلةَ الخوفِ التي أذبلت عيناي. إننا لا نطمئنُ إلّا بذكرِ الله. نمضي في الحياةِ نستأنسُ بهِ. مهمَا طالَ الطريق ومهمَا كان حجمُ البينِ بيننَا وبينَ قُلوبنَا في مكانِ آخر. نستمسكُ ونصطبرُ، لأننا نمضي في كُلِّ الدروبِ الطويلةِ هذهِ لله. 

لم أُودّع أحدًا، الوداعُ لا يليقُ أبدًا. أبدًا. كُلّ ما استطعتُ قولهُ: سنلتقي، سنلتقي بإذن الله. لا تقولوا الوداع. أنا باقيّةٌ هُنا. كنتُ أُكابر مكامنَ نفسيَ المشتعلة وأبتسمُ بصدقٍ تام. كَانَ عليّ أن أبتسم لأكون بخير ولو قليلًا. كنتُ أحاول الهرب من لقاء أي أحد. ولكن! قبلَ وصولي إلى الجامعةِ لم أتمالكني فأرسلتُ لهنَّ ولقيتهنّ. أدركتُ حينهَا أنني سأبدو حمقاء أمام نفسي إن هربتُ هكذا. كنتُ لأُعذبني، لأننا لم نكن معًا منذُ أربعةِ أشهرٍ رُبما. أعدتُ روحي واستعدتُ نشاطي فمضيتُ باطمئنان.

كُنت أواجهُ نفسي بالحقيقةِ كُل مرَّةٍ وأهرب. لكنني وقفتُ بصلابةٍ يومهَا، عليَّ أن أكون قويّة لقد قررت وانتهى الأمر. موقنةٌ بأنهَا الخُطوة الأخطر في خط حياتيَ الزمني. علّي أن أصنع من انتقالي ذَا إنجازًا يستحقّ كُل هَذَا العناءِ الذي بذلتهُ في التفكير! وفي كُلّ الأمورِ الأخرى.  يجبُ أن يكُونَ لهذَا الرحيل قيمة. علّي أن أمضي لما خططتُ لهُ، علّي أن أرفعنيَ دنيا ودين. أحملُ أمانةَ روحي وجودي وكُلَّ أحلامي. 

يا أصدقاء. أقولهَا لَكُم كَمَا قُلتهَا لنفسي. كونوا أقوياء، أقوياء بالله. امضوا في سبيل تحقيق أحلامكم. تخيلوا إنجازكم اللاحق، ارسموا حياتكم في خطّة. استمتعوا كثيرًا وكونوا بخير. خذوا بأيدي بعضكُم نحو الجنَّة. امضوا في مشروعِ حفظ الكتابِ العَظِيمِ التي خططنَا لهَا في جلسةٍ عابرة. خذوا بعضكُم نحوَ الجنَّة، وخُذوني معكُم في الدعواتِ. كونوا أقوياء. أقوياء بالله. حسنًا، لا بأس بالبكاء، إنّهُ القوّة التي تغسلُ أرواحنَا، أوليسَ الله أعلم بلوعةِ الحزن؟ جعلهَا لنا لنبكي. لا بأس. كونوا بخير. "يا صاحبي ربي معك، حاشاهُ أن ينساكَ أو أن يقطعك."

لمَ أستوعب فكرَة أنني كتبت، لكنني فعلت. أصدقُ كلماتنا ترتقي بالشفافيّة والعفويّةِ التي تخرجُ بهَا. آسفةٌ لنفسي التي أواسيهَا بالكلماتِ التي تُبكي الآخرين، فأقسو عليهَا عوضًا عن طبطبتي لهَا بهَا. 

لا أصعب من أن أختارَ عنوانًا لهذهِ التدوينة. 
- كُلُّ الدروبِ طويلةٌ، 
والأمنياتُ بدربنا ..
تختالُ. 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
٢٦ ذو القعدة ١٤٣٦ هـ
١٠ سبتمبر ٢٠١٥ م
١٢:٢٣ ص الخميس.  

الأربعاء، 19 أغسطس 2015

ضَوضَاءُ ..



بينما يتقافزُ الجميعُ نحو حوض السباحة. أتأمل أنا خُضرة الشجرِ. وحينَ كانوا يتراكضونَ للعبةٍ رُحت أُجالس كتابي. إننيْ أجدُ متعتي في كُلِّ شيء. عظمةُ الخالقِ وتجليهَا في خلقهِ، تطردُ وساوسَ التمللُ التي يصفها البشر. أستطيعُ أن أستمتعَ بمفردي، أن أُراكضَ خيالاتي، وأن أتجهَ مع أفكاري؛ نحو الحياةِ. 

نحنُ بخيرٍ، ما دمنَا متعلقينَ بالله وحدهُ لا شريك له. نحنُ أقوياءُ، لأننَا ندفعُ بالتي هي أحسن. نحنُ نحن، حينَ نستمسكُ بنَا في الوقتِ الذي يتخلى فيه الجميع عن نفسه. نحنُ جميعًا، نعرفُ أن الدنيا مغادرةٌ والآخرة باقية. لذلك نبقى على قيد الحياة بأحلامنَا. ندافعُ عن الأَوْلِ وندفعُ بأنفسنا نحو الآخر. 

غمامةٌ غامضةٌ تحيط بشيءٍ ما حولي، أتمنى الوصولَ إلى الحقيقةِ الكاملة، أن أزرعهَا لتنبتَ زهورَ أُقحوانٍ عذبة ونقية. تشرحُ لأحدهم عُمقَ كُل شيء لا يتوقعهُ أبدًا. ومعَ كمَّ الحديثِ المتبعثرِ هذا، أعلم أن الله الذي أحمل حُبَّهُ بقلبي وأتلبسهُ، لديهِ ما هو أعمقُ مما أفكر بهِ وما لا أتوقعهُ من خيرٍ أيضًا. 

إنَّ كُلَّ ما أسمعهُ من روحيَ منذُ مدةٍ من الزمانِ، ما قالتهُ نُعمى مطلعَ قصيدةٍ. 

الدُّعاء الدعاء .. 
#أروىٰ_بنت_عبدُالله
٤ ذو القعدة ١٤٣٦ هـ
١٩ أغسطس ٢٠١٥ م
الأربعاء. 


السبت، 15 أغسطس 2015

عَنِ التدوينةِ المزعومةِ ..




عندما سُئلتُ مرّةً عن جمالِ يومي،
قلتُ بأنني سأكتبُ تدوينةً عميقةً عنهُ. 
تلقيتُ أسئلةً ثلاث منذ ذلك اليوم، استبطأت نشر التدوينةِ المزعومةِ تلك. فأردتُ أن أقولَ/

- اممم، ذاكرتك لا تخون ..

حسنًا، سأخبركُم عنهَا لأن موعد نشرهَا أصبح مجهولا. بعد عودتنا من المملكة الهاشمية درستُ الصفينِ الثامن والتاسع في مدرسةٍ ما. تخرجتُ منهَا وغادرتُ لمدرستي الثانوية. 
كانت المدرسةُ التي أتممتُ فيها مرحلة الإعدادية تحملُ ذكريات حروبٍ كثيرة، خضتهَا دفاعًا عن المبادئ التي رباني عليهَا والداي. والتي عشتها واقعًا في الغربة وما رأيتها حتّى خيالا في الوطن، آنذاك. 

قبل شهرٍ من اليوم، سجلتُ كمتطوعةٍ في ملتقًى صيفي تابع لدائرة الإرشاد النسوي التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية. شاء الله أن يكون هذا الملتقى في المدرسة التي تلقيتُ فيها صدمات الوطن. إذ أن البيئة اختلفت عليّ كثيرًا فأصبحتُ أدافعُ عن كل من يُظلم حتّى انقلبت الأوضاع علي، فأصبحتُ منبوذة بسبب تصدّي الدائم لأجل الحق. شيئًا فشيئا، لم أكتفيْ بالدفاع فقط، فسعيتُ لدحض الباطل المزري ذكره؛ في المدارس. 

حوربتُ كثيرًا من قِبل زميلاتي في الصف لأنهن كُنّ جزءًا مما وجب تغييرهُ. وبدأ وقتها نشرُ الشائعات :) عن الفتاة التي لا تعرف الدنيا ولا الحياة وتسعى لنشر الفتنة بسبب إخبار المعلمات عن تصرفات الفتيات -المخالفة للدين- ليتم تعلميهنّ ووضعُ حدودٍ لهنَّ من إدارة المدرسة. لاحقتني الشائعات لأننا كنّا ننتقل معًا مرحلةً تلو الأخرى، تمّ نقلي من الصفوف اللاتي كن بها لكنه شر اللسان -وهل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم-. رغم كل ذاك لا زال ذكرُ المدرسة بالنسبة لي، يستجلبُ شعور الانتماء لكلِّ الجمادات التي شاركتني رحلتي التي كنتُ فيها لا أجالس البشر، أبدًا. نادرون من شاركتهم تلك التفاصيل، الله معهم أينما كانوا الآن.

رغمَ ذلك، كَانَ أبي مع كُلِّ موقف يشرح لي التصرف القانوني. وكانت أمي مع كلها تعلمني شيئًا أعمق مما أعرفه عن المسائل التي تمس الدين. وكانت معلمتي في ذات المدرسةِ تقول لي دائمًا المؤمن القوي أحب إلى الله يا أروى المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف يا أروى. 

إنّ ما أردتُ ذكرهُ هُنا، هو أن عودتي للمدرسة أعادت لي كل الحكايا حتّى أنني مكثتُ لأكتبها طويلًا طويلًا جدًا. وسيكون نشرها في المدونةِ عبئًا عليّ لأنني سأكشفُ به تاريخًا طويلًا وأمورًا ستكشف حياتي منذ ولدتُ وحتّى اللحظة. لذا آثرتُ بقاءها في طي الكتمان كمذكرات. قد أنشرها يومًا. وربما يبحثُ العالم عنها، ليكشف عن فتاةٍ سُميت أروى وهي كذا وكذا في التاريخ. بإذن الله.

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
 ٢٩ شوال ١٤٣٦ هـ
١٥ أغسطس ٢٠١٥م
السبت. 

الأحد، 2 أغسطس 2015

أ. صَ دَ ا قَ ةٌ ؟




حسنًا، إنه أكثر موضوعٍ أهربُ من الحديث عنهُ. إن الكلمةَ بحدّ ذاتهَا فيهَا صدقٌ وكذبُ البشر المتعلق بالصداقة الآن يجعلنا ننفر من كل حديث. ولعلّ ذلك بسبب عدم فهمِ مقتضى هذه العلاقة الحقيقي.

يُثقلنا عدم فهم البشر للعلاقة التي كانت بين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، أن يأتيك أحدهم ويقول لو أن لي صاحبًا أكون وإياه كالرسول والصديق وهو لا يرى من حقيقة صحبتهما سوى أنهما معًا معًا حيث ذهبا. وذلك لو فكرنا به محال فلكلّ منهما أهل ومشاغل أخرى، لم يكن في زمانهم برامج للتواصل تجعلهما متصلين ببعضهما طوال ال٢٤ ساعة! وما كان اللقاء سوى جهاد في سبيل الله وسعيًا إلى الجنة بمتاع الدنيا القليل.

تصحيحُ مفهوم الصحبةِ في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم يحتاج لجهد جبّار. فالعلاقات الآن في تدهور ظاهر. إذ أنَّ الصداقةَ أصبحت تعني الحديث المتواصل ذاك الحديث الذي لا ينفع ولا يرفع، لغو لا ترجى منه فائدةٌ أبدًا، لا هو ذكر وتذاكر وتدبر آيات القرآن ولا تدارس علوم أخرى، ولو كانت الصداقات قائمة في الله ولله لما سمعنا من أحاديث الفراق الدنيوي شيئًا. فالأصحابُ إن لم يكونوا جنّة في الدنيا ويسعون معًا لجنّةِ الآخرة فمَ هم؟ وليس في الحديث عن الدنيا بأسٌ أبدًا، على ألا يكون شغلهم الشاغل، ولا يشغلهم عن الهدف الأسمى وهو العمل للجنَّةِ ولظلالِ المتحابين في الله.

#أروىٰ_عبدُالله
١٦ شوال ١٤٣٦ هـ
٢ أغسطس ٢٠١٥ م 
الأحد.