مرحبًا
تعرفونني صحيح؟
أنا أروى ..
أتيتُ لأكتبَ وِردي اليومي
وِردُ الحروفِ التي أسطرها،
دونما خُطّة ..
... التي أُلقيهَا ولا أعرفُ عمَّ ستكون،
ولا أعرفُ إن كانت ستكتب نفسها أصلا.
لا أعرفُ كونها بدايةَ قصّة أم مقال أم مسرحية
أو قصيدة ..
لا أعرفُ إن كانت البدايةَ أصلًا ..
لا أعرفُ من يقرأ
من يتلهف ليقرأ
من يشاركها
من ومن
ومن
و
لا أعرف.
حتّى أنني أتخبطُ جهلًا هُنا ..
أجهلُ شعوري الحقيقي تجاه إكمال مدونتي عامها الثاني. لأنني وبداية كُلّ عامٍ جديد من عُمري أضعُ خطّة واضحةً لما أُريد تحقيقهُ. لكنني في المقابل لم أضع خطّةً لمدونتي. أكتبُ ما أكتبهُ لأنني أؤمن بأن الكتابةَ ممارسةٌ. على ذكرِ ذلك، وحسبَ ما ترددهُ الضامريّة دائمًا "اقرأ اقرأ اقرأ ثمّ أكتب". اممم، صحيح، عليك أن تقرأ وتقرأ وتقرأ ثمّ تكتب، لكن! القراءة وحدها لن تصنعك كاتبًا أبدًا. وفي المقابل، هُناك من يكتبُ ويكتب ويكتب دونَ أن يقرأ. وهذا خطأ فادحٌ آخر. يبدو الأمر محيّرا لكنّه حقيقةُ ما لا حقيقةَ واضحة فيه. حسنًا، إن اعتمدت على القراءة فقط لتصبح كاتبًا فأنت على الأرجح ستكون تابعًا لمن قرأت له. وقطعًا لن تصنع فنّك الخاصّ في الكتابة وفي أي مجالٍ آخر. ليست دعوةً لترك القراءة هذه المرّة لكنّها حقيقةٌ منسيّة، أنت تكتب ما تقرأ ولكن بصورة تمثل شخصك عوضًا عن شخص الكاتب وتمثل استيعابك لما قرأت. هذا، سبيل لتعلم الكتابة لكنّه سبيل يحتاجُ زادًا أكبر. زادًا اسمهُ دراسةُ الأدب لا قراءته فقط. هل تدرس ما تقرأ؟ أم تعبر عليه لتشحن عقلك بالمفردات والتراكيب أو الأفكار لتعيدها بقالبك الخاص؟
- خرجت مما جئت إليه، وكتبت عن موضوعٍ استفزّني المتأدبون بهِ. الأدب ليس جمع الحروف ثم الكلمات ثم الجمل ثم ثم ثم النصوص، وإخراج كتاب يضمّها إلى بعضها رغمًا عن كل شيء. وضربًا بكل مفاهيم الأدب جهلًا. وقد قالها الأستاذ محمود الحسني شقيقُ معلمتي: "لا تؤلف كتابا بمجرد شعورك أنك تستطيع أن تكتب شيئا بحجم كتاب، وإنما حينما تشعر بأنك تستطيع أن تكتب شيئا مذهلا يستحق أن يكون في كتاب". وأنا أقولُ: تبًا للكتابةِ حينَ تُصبحَ بلا أساس أدبي، تبًا للكتابة التي تفسد فن الكتابة وتضرب بتاريخ الأدب عرض كل شيء.
"تَبَّتْ يَدَا ..." تبتّ يدٌ تكتب الأدب بقلّة أدب. رخُص الأدب حين رخُص الأدب الأخلاقي وانحلّت أُسس الحياء. ورخُصَ الأدبُ الأخلاقي حينَ رخصَ أدبُ الكاتب في عيونِ الكُتّاب، وحينَ غفلَ القراء عنهُ، وضاعوا بين كمّ الكُتب الها ا ا ئل. فجهلوا نقطة الانطلاق وتخبطوا بين العناوين، الأغلفة، أسماء المشاهير، الأسماء المستعارة، دور النشر، المعارض الدولية، المكتبات الالكترونية، تبًا تبًا. ضاعَ كُتَّاب الأدب بين تدشين كتاب وحفل توقيع و و و مهلًا. أنا أبحث عن أديب، أديب ترك كلمات أعرفُ أنّها لهُ من النظرةِ الأولى.
هل أخبركُم شيئًا آخر؟
كنتُ أتحدّثُ ومُزنة عن شيءٍ مَا، طار بنا الموضوعُ كَمَا يطيرُ كُلّ مرَّة. حكيتُ لها بعض طقوسِ الكتابة. أجزم حينها بصدمتها خلف الشاشة. "يا للهول، ما هذ ا ا ا ؟" بين الحديثِ الطويل هُناك. استوقفتني جملتها "يبدو أنّكِ تحترمين ما تكتبين". بدأتُ أفكر لحظتها بجدية تامّة، هل أحترمُ نصوصي حقًا؟ ما الذي يجعلني أفعل ذلك إن كنت حقًا أحترمها؟ وما الذي قد يسبب عدم ذلك؟ أنا ألقي بعض النصوص عجلةً هُنا، وبعضها الآخر أركنهُ في زاويةٍ من غرفةِ الملاحظاتِ التي جاوزت زواياها ال١٢٥٣ ملاحظة. بينما عدد التدوينات هُنا لا يُجاوز المائة. كنتُ قد كتبتُ مرَّةً:
" إنّ أسوأ فعل قد يرتكبهُ الإنسان بعدَ كتابتهِ. هُوَ أن ينشرها. نظرتيَّ السطحيةُ ذِه وحروفي المركونة في زوايا غرفةِ الملاحظاتِ هذه جعلتني أُحدّث نفسي فقط. أكتبُ لنفسي. وأرى في كُل ما أكتبهُ شيئًا لا يفهمهُ الآخرون، شيئًا يخصني وحدي. وأرى: أن نشرَها يُعطيها تاريخ صلاحيّة، تاريخ انتهاء، يومَ فناء. هكذا فقط، أُمحصّ الطقوسَ التي أكتبُ فيها أكثرَ من النصوص التي أكتبهَا. ذاكرتيَّ المرحومة/ تستصرخُ دائمًا. مخيخي الصغير، يحاولَ أن يكون كبيرًا عامّةً. يستعجلُ الأمورَ فقط. وكأنّهُ الأكثر اجتهادًا، أمقتُه حين يتوقعُ عددًا أو كلمةً. أمقتُ حساباتهِ المشاعريّة، وأتعجبُ دائمًا من حقيقةِ توقعاتهِ الفعليّة.
فكرةُ الكتابة بحدّ ذاتها تتضحُ من النصّ وتُظهر ما إذا كان الكاتبُ يريدُ أن يكتب ليكتب الكتابة فيه ليصعد بها، أم يكتب ليكتب فكرةً استحوذت عَلَيْهِ وعلى نصّهِ وأدبهِ وكُلّه. ومن الجديرِ بالذكر هُنا،".
- من المؤسف حقًا أنني لا أستطيع تذكُر: ما الذي كان جديرًا بالذكر هُناك؟ ومن المؤسف أكثر أنني أعرف سلفًا عدد القرّاء الذي سيمرّون على هذهِ الكلمات. يجبُ أن تصرخ هذهِ الكلماتُ بنفسها. وتحاول صعود سلالم الانتشار بنفسها. كوني فتاةً لم يكُن لها تجارب نشر كثيرة لن يلتفت الكثيرون لما أكتبهُ هُنا. ومن المؤسف أنني لا أعرف ما إذا كانت الرسالةُ هذه ستصل للمعنين. بل ومن المؤسف أنّها وإن وصلت لن تلقى نصفَ التفاتةٍ حتّى. أصبحوا يقترفون الأدب لأنّهم يبحثونَ عَنِ المال.
- كما لا يعلمُ أمثال هؤلاء حقيقةَ أن النشر يتطلبُ مالًا للتصميمِ أولًا والطباعةِ ثمّ النشر. إنَّهُم يبيعونَ الكلمات بأربع مائة ألف دولار، كيف؟ من يصدق؟ الأمر سهل جدًا. كن مشهورًا تافهًا وستتهافتُ عليك الدور والمطابع، كُن مغنيا أو راقصةً أو حتّى ثرثارًا في مجتمعٍ لا يفهم. كُن قليلَ أدب وستصبحُ أديبًا قديرًا.
*
بهذا أكون قد ألقيتُ كلمةَ الحفل، هل ستشاركونَ بشيء في حفلنا هذا؟ تفضلوا ...
#أروىٰ_عبدُالله
٢١ صفر ١٤٣٧ هـ
٣ ديسمبر ٢٠١٥ م
٢:٣٩ ص الخميس.
أهلًا أروىٰ،
ردحذفنعرفكِ نعرفكِ.. و هل يخفى القَمر ؟
و أنا جئتُ لأقرأ وردكِ هذا.. گ عادَتي/ أبحثُ إن كان جديدٌ هُنا في صَباحاتي. و وجدتُ احتفالًا هُنا.
حسنًا أردتُ إخبارَك: أنا من أولئك المتلهّفين ليقرؤوا.
أتعلمين؟
في المقابل، هناكَ أديبٌ قدير لأنَّه يستحقّ. ليس قليلَ أدب. أديبٌ عرفَ قدرَ الأدب.
أولئك الذين تحدثتِ عنهم لا يستحقّون حتّى التفاتةً تتحدَّثُ عنهم، كلُّ ما علينا هو تجاهلهم/ هذا ما أظنُّه.
و... في الواقع، لا إضافة لديّ، رغبتُ في المشاركةِ فقط.
حفلٌ جَميل ��.
آه أهلًا بكِ ..
حذفشاكرةٌ لوجودكِ الدائم هِنا ..
هُناك أدباءُ بالتأكيد.
أمّا التجاهل فليس صوابًا في موضع كهذا. علينا دحضُ ما يدحض أصل الأدب وما يفسد قيم المجتمع باسم الأدب. لم أخصص نصًّا بعينه هُنا لذا لا أرى بأنّه تشهير لنص قد يحدث ضجة، هو حديث شكلهُ عامٌ وموضوعهُ مشكلة مرتبطةٌ بالأدب.
مرورٌ أجمل ..