الخميس، 1 أكتوبر 2015

مذكرات1 | أتحدثُ عني لـ ...




مرحبًا .. 
أعلمُ أنك في مكانٍ ما. تقرأ. وتشاهُد بصمتٍ مطبقٍ. 
اتخذت على نفسك عهدًا وهو ألّا تبتسمَ أبدًا. أبدًا لن تبتسم إلّا لعاملةِ النظافةِ التي تُقابلُها كلَّ صباح. وإمساك ابتسامتك يتطلبُ صبرًا عظيمًا عَنِ الكلامِ مع البشر، هَذَا وأنت الانسان الاجتماعي المبادر دائمًا. رأيتُ أن الأحداث كمسرحيةٍ هزليةٍ هزيلةِ المعاني وضعيفةِ البنيان، ركيكة التركيب ومسيئة جدًا. 

كُلّ الأحداثِ التي تخبطت في جدارِ ذهنكِ، ستتحققُّ يقينًا يومًا ما. إنّ الكآبةَ التي يصفهَا النَّاسُ فيكَ جهلًا مِنْهُم بك، ليست بشيء. العُزلةُ التي تطيرُ فيها بحرّيّة وانشراح ليست حِملًا يقتلك أو يثقل كاهلك. العزلةُ فضاءٌ واسعٌ يريك الحياة بصورتهَا الحقيقيّة فيك دون تأثيرٍ خارجي. إيمانك بالسعادة التي تعيشهَا مع كُلِّ خطوة كفيلٌ بأن يُديم سعادتك تلك، لأنها الأمر الذي لا تطالهُ يدّ بشري، سواك. 

سعيدةٌ جدًا، بالابتسامةِ التي تمنحُنيهَا عاملةُ النظافةِ كُلّ يوم. سعيدةٌ بالأفكار التي تُلون عيني لحظة سيري في الممر الموحشِ اختلاطه. سعيدةٌ بإمساك نفسي عن التبسم في وجوه الحمقى، ولو سهوًا. سعيدةٌ بجلوسي عند النافذة في زاوية المكتبة بعيدًا عن ضَوضَاء المحيط حولي. سعيدةٌ بالكتابِ الذي أُجالسه كُلما ركنتُ إلى مساحةٍ في كراسي الاستقبال الداخلية. سعيدةٌ بالحماسةِ التي أعيشهَا في داخلي، في داخلي فقط. دونَ أدنى لمحةٍ من بشري لها.  و... سعيدةٌ بكوبِ الشاي الذي أرتشفهُ قطرةً قطرة في طريقي إلى بوشر. 

حسنًا، صعودي للطابقِ الرابع عقلًا الثالث اسمًا، من درجِ الطوارئ ليسَ كآبةً كما تقولُ الفتاةُ التي تسألني من أينَ تأتين، ليسَ عبطًا ولا جنونًا. ما هو إلّا مُحاولةُ هروبٍ من سفاهةِ المجتمع في الأماكنِ العامَّةِ. عدمُ التوّجه للمطعم ليسَ صومًا عن الطعام، بل صومٌ وابتعادٌ آخر عن سفاهةٍ أُخرى. إنني أمقتُ الأشياء كثيرًا. كثيرًا جدًا. أمقتُ الاختلاط. أمقتُ مفهوم الحريّة المنتشر في كُلّ شيء إلّا في نفسهِ وفي السلام. أمقتُ الأشياء لكنني لا أمقتُ الأماكن أبدًا، بل وأتعلقُ بالجماداتِ وكأنهَا حيّة ولو كانت حيّة بالفعل لابتعدتُ عنهَا كما أبتعدُ عن الأحياء بترف المظهر ومجاعةِ الشعورِ. 

عني لنفسي ! وأقولُ لَكُم ..
- حينَ يباغتكُم طيفُ اللامعقول وإستحالة الوصولِ، قاوموا تلك البواعث وامضوا لأن الوقوفَ لمحاولةِ استرضاءِ ما حولكم لن تجدي. كونوا أقوياء بالله لتكونوا بخير.

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٦ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
١ أكتوبر ٢٠١٥ م
١٢:٠٥ص الخميس. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق