الجمعة، 23 أكتوبر 2015

حينَ يصمتُ الجميع، هُنا ثورتي.



-

يتساقطُ القُرّاء
والنصوصُ تتثاءب .. 
تكدّس الغُبار،
رفوفُ المكتبات مُصابةٌ بفايروس البين 
بين وصلٍ مفاجئٍ وانقطاعٍ طويل .. 
السّكونُ المُعتاد أصبح قاتمًا جدًا،
بائسًا وذا طابعٍ كئيب .. 
التفاعلات الكيميائية بلا نتائج حقيقية.
الفيزيائيونَ متعبون جدًا،
ترهقهُم نوبات الخمول الدراسي، وترديهم. 
السُّوق في تضارباتٍ عكسيّة،
ترتفعُ موجتهُ كُلمَا نزل سهم .. 
وترخُص مع كُلَّ الارتفاع، الأرواح.
الغرسُ المزروعُ في كبدِ الأرض يورق،
من الجيد أنّهُ يفعل، وإن كان بطيئًا. 
القوانينُ مُنتهكة .. واللوائحُ غير مطبّقة 
موجةُ اعتراض وموجةُ مساندة، قليلًا 
وتسكن الموجاتُ .
دوامةٌ دائرة لن تتعثرَ بزاوِية، 
لن يخرقها خنجز، 
ولن تثقبهَا رصاصة .. 

ماذا نفعل نحن؟ 
- نُشارك العالم سكونه، يومًا 
ونعود لننفُخَ هواءً يشفي هوانَا
تخفت الأضواء وتستكينُ الخطوب 
نُمطر بغزارةٍ حينَ يقنطُ المحيط 
ونستحيلُ صحارى، في لحظةِ .. 
نعودُ رواءً، نسقي أرضَ ماضينا 
ونقطفُ حُلو حاضرنَا، ونغدو ..
.. في طريقِ الحُلم،
نستبقُ الخُطى طربًا ..
فيوتشريَا. 

ماذا إن كانت الـ... عدوى؟ 
العدوى التي تُحيلُ الكونَ
حديقةَ وردٍ، و...
بستانَ ليمون، رُبما. 
تلالَ دحنونٍ،
في تل الربيع الفلسطيني. 
معين الأردنيّة ..
أو وغاباتِ فرلّق في لاذقيّةِ سوريّا. 
أو حتّى شلالًا من ناعورةٍ في حماة. 
أو حتّى شجرة، قُرب شاطئ طرطوسَ. 

أتذكرُ شارع سعيد العاص، 
وحديقةَ أُم الحسن ..
القلعة والحارات القديمة. 
طليطلة والفُندقَ في بلودان. 
حي الصالحية، 
سوق الشيخ محي الدين يوم الجمعة. 
حمص، حلب، 
والسيدة العجوز التي صنعت فطائر الغداء
في .. معرّة النعمان. 
الشاب الذي سيّج أرضهُ بالزيتون.
جبال إدلب والفتنة في أضواءها الليلة .. 
.
.
كذلك: قبلَ ستّ سنواتٍ تامّة ..
هُناك: قبلها، 
    قبلها، والآن. 
والآن الآآآآآن .. لأنّك؟ ت ك ت ب. 

أروى هُناك .. أروى هنا 
أروى تفردُ يديهَا كجناحين 
وتُنادي من حدّ جسر الشغور
: أبي أبي التقط لي صورةً هُنا. 

آه .. 
هل ذكرُ إدلب وجسر الشغور 
يُعيدني إلى الحاضر بقسوة؟ 
بالقسوةِ ذاتها التي تمثّلت يوم ...
م ج ز ر ة .. ج س ر .. ا ل ش غ و ر. 

يشتعل في داخلي حريق الحروف وأنا أكتبُ هذا، أعيش الحدث كأنني لم أعش حقيقة من قبل. أنا أستعيدَ جذورَ الصنوبر، وأصفَ بها رماد الغابات. بين الماضي والحاضر، نُقطة التقاء في داخلي، في داخلي فقط. وقفت للحظة أكتُب ما خشيت كتابتهُ حتّى لا تستغنيَ عنهُ الذاكرةُ للورق، حاربت خوفي. وكتبت، كتبت لتُخلّده زمانًا طويلًا حتّى الانقضاء. مهلًا، أكمل وصف ما بك. ثُم عُد لترى نتاجَ نيرانك. تابع نفخها، تابع. وأشعلها فيك أكثر وأكثر. هيّا، اكتب. اكتب.

كتبت كتبت يا أروى، كتبت، كتبت يا أنا كتبت. و ... تمزّقت فيّ جلودٌ وأغرقتني دماء. خنقني دُخَان الدفاترِ ورائحةُ الموتى. في اللحظةِ التي أخافني منهَا، ويخافني العالم منها. عن حركةِ الهواء والهوى. عَنِ النيرانِ الملتهبةُ سكونًا. عن النحيبِ في منتصفِ الليل. عني أنا، أكتُب. 

*بلا انتهاء 
كالدمِ المراق 
كالجياع 
كالحُب 
كالأطفال 
كالموتى 
هُوَ ال... 

   أ   ر   و   ى   .
بجُزءٍ من الذاكرةِ المخبوءة. 
١٠ مُحَرَّم ١٤٣٧ هـ
٢٣ أكتوبر ٢٠١٥ م
جُمعةُ الغضبِ، 
بتوقيتِ #انتفاضة_القدس
الثالثة. 

هناك 4 تعليقات: