الساعة الآن الثانية واثنين وعشرون دقيقة صباحًا. أردتُ تسطير رسالة فجريّة للعابرين ولكل من يقرأ أعرفه أم لا. المعرفة الشخصية لا تهم هنا. أنا أكتب لأنّ الله أنعم عليَ بذلك، ولأنني أُريد فعلَ ذلك حقًا.
.
.
.
الساعة الآن العاشرة إلا خمس دقائق، مساءً. هُناك الكثير من النصوص، لكنني على الأرجح سأنشر هذا. نص لا مغزى من كتابته سوى الهرب من متطلبات مشروع الفصل الجماعي. أكره الأعمال الجماعية كثيرا. إن لم أحرص على سير العمل كما يجب وأتحمل بنفسي سدّ النقص في البحث، سأفقد جزءًا من النقاط التي اجتهدت للحفاظ عليها رغم سخرية الزميلات.
.
يبدو النصّ ساذجًا. تبًا للتذمر. لا أُجيده أبدًا. يستحيل إلى تُرهات مع كل كلمة أنطقها أو أكتبها. تتلعثم الكلمات بين شفتي وكأنها كذبة. الأمر قسري، لا أملك خيارًا آخر. التذمر يشعرني بالسوء، كالخطيئة التي يعنّف مرتكبها نفسهُ بها. متناسيًا أُسسَ التوبة وملصقًا إياهَا فيهِ كوصمةِ عار لا ماحيَ لها.
التذمر نقطة سوداء: يراها البعضُ قطرةَ نفط تغنيهِ عن موارد أُخرى، لكنّها ترديه في نهاية المطاف. يراهَا آخرون شامةً مقدّسة على جبين الكون أو تحت عينه. مهما يكُن، لست في موضع بحث عن أقوال المحيط البائس الذي أراه جماعة أجساد تعيش لتكون قطعة طوب مرمية على قارعة الطريق.
- أرى التذمر كالرّان الذي يضعهُ هاجر القرآن على قلبه. يضعهُ بينه وبين الحياة كاتبًا على نفسه الشقاء. رغم إدراكه التام لمعنى البؤس الذي سيعيشه بسبب ذلك. لا أنكر أننا بحاجةٍ لتفريغ الشحنات السلبية التي توالدها فينا قسوة المحيطات. لكنها تبقى عذرًا أضعف من أن يكسرنا ويردينا شخوصًا عادية يتقي الناس التعثر بأمثالها بُعدًا عنِ التمزق الذي قد يحطم الأهداف التي يبنونها لأنفسهم. بل وأعتبر إنكار ذلك ضعفًا أكبر، إذ كيف يمكن أن ينكر بشريٌ ضعفه؟
.
.
.
علي أن أتوقف. كان علي ألا أبدأ أصلا. يا لهُزال الحديثِ المقطوع ذا. تعرفون؟ سأواصل العمل على مشروع كان يفترض أن تعمل عليه ثلاث مخلوقات بشرية. لكن التعذر البشري الذي لا ينتهي يقفُ حائلًا بين البشر هؤلاء والنجاح الذي يغردون به. الأعذار التي تجعلهم في نهاية المطاف أجساد تعيش لأن أرواحها لم ترفع إلى السّماء بعد، أجساد منسية في مقابر قصية لا أثر واضح للجنازة التي سارت بها. ولا أثر للحياة التي عاشتها قبل تقديمها لمُغسّلِ الموتى.
- لستُ فتاةً عظيمة ولم أحقق ما أسير له بعد لذا لا أراني جديرة بالحديث عن الذين غادروا الحياة حاملين معهم كل أمر مضَوا نحوهُ في حياتهم دون أدنى أثر. منطويةٌ كقديسةٍ لا تعرفُ من القداسة سوى هالة النور التي لا تراها في ما حولها لأنها لم تصل للوجهةِ التي ولّت وجهها نحوها.
.
.
الهرب واضح. في كلّ مرّة أقول فيها سأتوقف هُنا عند هذه الكلمة، ثمّ أصفّ بعدها عشرًا. صدقًا، الثقل الذي يرميه المجتمع على رأسك والذي يجعلك تحسب الكون يمشي فوقك لا العكس، يرديك مائة مرة متظاهرًا حشمك/ حمايتك بمحاولته مسح نقطة التذمر السوداء بنقطة أشدّ سوادًا. تحميل النفس عبء الآخرين بسبب قانون إجباري أمر مؤسف.
.
.
أكتب الآن نصًا أكره قراءته وأكره من يكتب مثله وأكره من يراه نصًا يستحق الذكر. نصًا سأندم على نشره إن نشرته. سأستاء من تزايد عدد قُرّاءه. كلّ شيء ينتهي على كل حال. كُره مؤقت، ندم سيُنسى واستياء عابر. الحياة تمضي ونحنُ نمضي وكل شيء يمضي، طال المُضي أم قصُر سينتهي.
.
.
السّلام عليكم وعلي، وعلى السوء المكتوبِ أجله. ذاك الذي يكون عمره قصيرًا بالنسبة لي، فيما مضى على الأقل. الوقت الضائع من حياتي بين هذه الفوضى التي لن تكملوا قراءتها على الأرجح ساعة تامّة تمامًا وقتيا مفزعا. كيف تقرر الكلمات التوقف هنا. إنّها الحادية عشرة إلا خمس دقائق. وداعًا.
.
.
أروى ..
23 نوفمبر 2015 م
10:55 م الاثنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق