الجمعة، 30 أكتوبر 2015

رسالة صباحيّة | هل استيقظت حقًا؟




يحضنُ الكونُ أحلامك، يطبطبُ على روحك، يُحاولُ أن يتحدث معك، ليقول: كُن قويًا وحافظ على طموحاتك، حافظ على نفسك، واسعَ نحو القمّة بالهِمّة.

اضرب وجهك بالماء، امسح الغبار عن ذاكرة الأمس. انسَ هموم ليلتك. توقف عن ذمّ مجريات الحياة، توقف عن وصف غدر الدنيا. امسح الغبار عن عقلك، نظفهُ تنظيفًا يبعد فكرة أن الأساس هو الشقاء والحزن. تفكّر في كونِ الدنيا ذي، طريقًا إلى الجنَّة. هل ستمضي بشكك إليها أم باليقينِ التّام؟ هل كُنت ستبقى على قيد الحياة إن كنت تراها بهذا القدر من البؤس؟ هل سيشقيك الله وهو يريد سعادتك؟ هل كُل المنافي سجون؟ قطعًا، لا يمكن. الأبلغ: هل تعتقد بأن الطريق إلى النور مظلمٌ دائمًا؟ 

هل تظن بأن هُناك من يقاسمك الوجع حقًا؟ نعم، لكنّه لا يعرف ما وجعي. لا، لأنه يعرف وجعي ولن يدركه. تناقضات قد تقود إلى الجنون. دوَّامة التفكير هذه هي التي تُحوّلك إعصارًا كان مجرد منخفض جوي أتى بالغيث. هل ستسمحُ لموجةِ الوجع أو التساؤل هذه، أن تسيطر عليك؟ نعم، أنت تُملكها نفسك وحياتك. حتّى تدرك بأن التفكير في أمرٍ كذَا ضياعٌ ونوعٌ من الفراغ. إذا عرفت نفسك فاعرف أيضًا، أن: لا حقيقة إلا التي تحملها في داخلك. 

حتّى الرئة لم تعد تستقبل الأكسجين براحة، تقول لك: استيقظ، عُد لليقين الذي كُنت فيه. استعد نورك من محكم التنزيل، كفاك ولوجًا في ظلام المجهول. قوّم أيامك، اسعد، ولا تبتئس. تنفس بعمق، واذكر الله ذكرًا كثيرًا. حادث الله بلا تردد، أفصح دون خجل، أفصح بأريحيةِ تامّة، فضفض فؤادك بصدق لأنّك تُخاطب الأقرب، الأقرب إليك أنت، أنت بالذات. اقطع شكك، واطلب اليقين من الله. من الله وحده. 


صمتك صاخبٌ جدًا، 
... اهدأ 
ستتأذى أُذنك.

       - هكذا تمامًا، عليك أن تتحدث، تتحدث مع نفسك بصوتك المسموع. بكلماتك التي تقرؤها وحدك. انظر إلى نفسك في المرآة، أمعِن النظر أكثر وأكثر واسأل نفسك: ماذا أريدُ من الحياة؟ ماذا سأترك خلفي؟ ما الذي جعلك تستيقظ صباحًا، ما الذي يجب أن أسعى إليه؟ ما الغاية التي تقضّ مضجعي؟ ما الأسطورةُ التي يجب أن تسطّر في حياتي وبعد مماتي؟ 

هل ترى تفاصيل وجهك جيدًا؟ نعم، الحمدُلله. 
تحدّث الآن .. تحدّث إليك، قُل لك:
       - كُن نفسك، لا تهرب من ذاتك. اعترف لنفسك بما شئت، بعيدًا عن كُلّ شيء. قف مع نفسك، قوّمها، اسع للجنَّة، لا تتبع خطوات الشيطان. برئ نفسك، قدها لمصدر الحقيقةِ وابحث. استمع، وحكّم عقلك. عَقِّل نفسك، ولا تنسَ أن تستفتيَ قلبك. أرِح نفسك الآن، استخر واختر المستشار الذي تثق بأنّه مؤتمن. 

تصالح مع الحياة .. وامضِ بروحك إلى الجنَّة. 
توضأ الآن، وحلّق بالروحِ ذي بعيدًا كطيرٍ طليق وجد الطريق الذي سيوصلهُ إلى صنعةٍ ما، تحقق له أسطورته. افرد جناحيك وتناول مصحفك، اقرأ الآن: ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَٰبَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا.

ادعُ الله كثيرًا، كثيرًا جدًا. 
هبني الطمأنينة يا ربّ .. 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٧ مُحَرَّم ١٤٣٧ هـ
٣٠ أكتوبر ٢٠١٥ م
٦:٣٩ ص الجمعة. 

الجمعة، 23 أكتوبر 2015

حينَ يصمتُ الجميع، هُنا ثورتي.



-

يتساقطُ القُرّاء
والنصوصُ تتثاءب .. 
تكدّس الغُبار،
رفوفُ المكتبات مُصابةٌ بفايروس البين 
بين وصلٍ مفاجئٍ وانقطاعٍ طويل .. 
السّكونُ المُعتاد أصبح قاتمًا جدًا،
بائسًا وذا طابعٍ كئيب .. 
التفاعلات الكيميائية بلا نتائج حقيقية.
الفيزيائيونَ متعبون جدًا،
ترهقهُم نوبات الخمول الدراسي، وترديهم. 
السُّوق في تضارباتٍ عكسيّة،
ترتفعُ موجتهُ كُلمَا نزل سهم .. 
وترخُص مع كُلَّ الارتفاع، الأرواح.
الغرسُ المزروعُ في كبدِ الأرض يورق،
من الجيد أنّهُ يفعل، وإن كان بطيئًا. 
القوانينُ مُنتهكة .. واللوائحُ غير مطبّقة 
موجةُ اعتراض وموجةُ مساندة، قليلًا 
وتسكن الموجاتُ .
دوامةٌ دائرة لن تتعثرَ بزاوِية، 
لن يخرقها خنجز، 
ولن تثقبهَا رصاصة .. 

ماذا نفعل نحن؟ 
- نُشارك العالم سكونه، يومًا 
ونعود لننفُخَ هواءً يشفي هوانَا
تخفت الأضواء وتستكينُ الخطوب 
نُمطر بغزارةٍ حينَ يقنطُ المحيط 
ونستحيلُ صحارى، في لحظةِ .. 
نعودُ رواءً، نسقي أرضَ ماضينا 
ونقطفُ حُلو حاضرنَا، ونغدو ..
.. في طريقِ الحُلم،
نستبقُ الخُطى طربًا ..
فيوتشريَا. 

ماذا إن كانت الـ... عدوى؟ 
العدوى التي تُحيلُ الكونَ
حديقةَ وردٍ، و...
بستانَ ليمون، رُبما. 
تلالَ دحنونٍ،
في تل الربيع الفلسطيني. 
معين الأردنيّة ..
أو وغاباتِ فرلّق في لاذقيّةِ سوريّا. 
أو حتّى شلالًا من ناعورةٍ في حماة. 
أو حتّى شجرة، قُرب شاطئ طرطوسَ. 

أتذكرُ شارع سعيد العاص، 
وحديقةَ أُم الحسن ..
القلعة والحارات القديمة. 
طليطلة والفُندقَ في بلودان. 
حي الصالحية، 
سوق الشيخ محي الدين يوم الجمعة. 
حمص، حلب، 
والسيدة العجوز التي صنعت فطائر الغداء
في .. معرّة النعمان. 
الشاب الذي سيّج أرضهُ بالزيتون.
جبال إدلب والفتنة في أضواءها الليلة .. 
.
.
كذلك: قبلَ ستّ سنواتٍ تامّة ..
هُناك: قبلها، 
    قبلها، والآن. 
والآن الآآآآآن .. لأنّك؟ ت ك ت ب. 

أروى هُناك .. أروى هنا 
أروى تفردُ يديهَا كجناحين 
وتُنادي من حدّ جسر الشغور
: أبي أبي التقط لي صورةً هُنا. 

آه .. 
هل ذكرُ إدلب وجسر الشغور 
يُعيدني إلى الحاضر بقسوة؟ 
بالقسوةِ ذاتها التي تمثّلت يوم ...
م ج ز ر ة .. ج س ر .. ا ل ش غ و ر. 

يشتعل في داخلي حريق الحروف وأنا أكتبُ هذا، أعيش الحدث كأنني لم أعش حقيقة من قبل. أنا أستعيدَ جذورَ الصنوبر، وأصفَ بها رماد الغابات. بين الماضي والحاضر، نُقطة التقاء في داخلي، في داخلي فقط. وقفت للحظة أكتُب ما خشيت كتابتهُ حتّى لا تستغنيَ عنهُ الذاكرةُ للورق، حاربت خوفي. وكتبت، كتبت لتُخلّده زمانًا طويلًا حتّى الانقضاء. مهلًا، أكمل وصف ما بك. ثُم عُد لترى نتاجَ نيرانك. تابع نفخها، تابع. وأشعلها فيك أكثر وأكثر. هيّا، اكتب. اكتب.

كتبت كتبت يا أروى، كتبت، كتبت يا أنا كتبت. و ... تمزّقت فيّ جلودٌ وأغرقتني دماء. خنقني دُخَان الدفاترِ ورائحةُ الموتى. في اللحظةِ التي أخافني منهَا، ويخافني العالم منها. عن حركةِ الهواء والهوى. عَنِ النيرانِ الملتهبةُ سكونًا. عن النحيبِ في منتصفِ الليل. عني أنا، أكتُب. 

*بلا انتهاء 
كالدمِ المراق 
كالجياع 
كالحُب 
كالأطفال 
كالموتى 
هُوَ ال... 

   أ   ر   و   ى   .
بجُزءٍ من الذاكرةِ المخبوءة. 
١٠ مُحَرَّم ١٤٣٧ هـ
٢٣ أكتوبر ٢٠١٥ م
جُمعةُ الغضبِ، 
بتوقيتِ #انتفاضة_القدس
الثالثة. 

الخميس، 22 أكتوبر 2015

أين المشكلة؟




المشكلة ليست في جهلنا وحسب، بل وفي ما نعرفهُ أيضًا. المشاكلُ نتاجُ تفكيرنا قبل أن تكونَ نتاجَ أي شيء آخر. أن تنامَ باطمئنان في غرفةٍ يسكنهَا معك فأر أمرٌ عاديٌ جدًا وطبيعي حينَ تكونُ جاهلًا بوجودهِ. ما إن تكتشف حتّى تساوركَ المخاوف وتفزعُ هاربًا من سريرك، لماذا؟ لأنك عرفت. 

إن أتينا لواقع الحياةِ، سنجدُ أن المشكلة الحقيقة ليست في ما نتعلم، بل في أسلوب تعايشنا مع الأحداث والعلم في آن واحد. كما أن بعض الأمور من الأفضل أن تبقى مخفية. والعموم الحقيقي الظاهر هو جهل ربط العلوم بالحياة. كالمتلبسين بالدين! أمقتهُم كثيرًا، أولئك الذين يملكونَ الدين علمًا بدون عمل. ما فائدة ما في جعبتك؟

اللهُ ربك الله حسبك، قُم وانفض عنك أوهام العلم الغزير الذي تتلبسه، ابحث عن نفسك وأدرك جهلك لتنحرهُ قبل أن يعدمك ميدانيًا أمام أهل العلم فيرديكِ طريحًا كصهيوني دُهسَ بعد أن صعرَ خدّهُ متلبسًا القوّة من الضعف والخوف. يكفيكَ المثال ذا، ليجعلك تشمئز من نفسك وعدم عملك بما تملك من علم. 

قُم .. اعمل .. الأُمّة تنتظرك ! 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
٩ محرم ١٤٣٧ هـ
٢٢ أكتوبر ٢٠١٥ م
١:٢٦ ص الخميس. 

الأحد، 18 أكتوبر 2015

أين كان خوفك؟



-



تخيّل هلاك الكونِ ذَا. كُوّرتِ الشمس. انكدرتِ النجوم. سيّرت الجبال. عطلت العِشار. حشرت الوحوش. سجّرت البحار. 

قم وانتفض هيّا، 
توضأ 
تناول مصحفك 
افتحه على سورةِ التكوير. 
اقرأ، 
تدبّر، 
انقلابٌ كوني هااائل. 
كاااامل. 
يُذهب ما ألفته، 
يُبدل كل شيء. 
يهيج السكون، 
يروّع الآمن. 
أين أنت؟ 


- أتخيلت الموقف؟ 
اهتزت أطرافك. تجمدت، واحترّ جسدك. 
نُشرت الصحف. 
أتعلمُ؟ 
    ما أحضرت،    نفسك؟ 

سعّرت الجحيم. 
أزلفت الجنَّة. 
ماذا الآن؟ 

هل أنت خائف؟ لمَ تخاف؟ 
[ مع كُلّ الرجاء في داخلك قبل كُل ذَا، 
أين كان خوفك؟ 

أين كان خوفك؟ 


*أروى بنت عبدُالله 
١١ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
٢٤ سبتمبر ٢٠١٥ م
الخميس. 

الأحد، 11 أكتوبر 2015

طقوسُ الكتابة1 | صباحُ الانتفاضة ..




مرحبًا جميعًا 
هُنا كلماتٌ مِلؤهَا الحماسةُ والنشاط
كلماتٌ أُسطرهَا بشغفٍ كبيرٍ وأحلامٍ أكبر. 
هُنا أنا أنتشي وأزرعُ في نفسيَ القوّة 
هُنا أبدأ وأنتهي، هُنا أموتُ وأحيا. 
هُنا أنا أنا، وأنت أنت، وأنتم أنتم. 
هُنا كُلنَا نمضي في طريقٍ طويلٍ،
طويلٍ جدًا. 
لكننا نستلذّهُ ونستمتعُ بمرارتهِ،
كالقهوةِ تمامًا. 
ورُبما طعمًا أمرّ لكنّهُ أحلى،
في الذاكرةٍ الذوقيةِ لمن لا يرتشفونَ القهوة المرّةَ كما أفعُل حينَ أحتاجُ لتذوقِ مرارةِ الحياةِ، لأذوقُ البؤسَ الذي يتخيلهُ العالم. 
القهوةُ 
معاناةُ القراءِ
ولذّةُ الكُتّاب
وبنكرياسُ البين بين. 
بالمُناسبةِ، هي ...
أعمق من أن تُنسب لقارئ أو كاتب
والقراءةُ مقدّسةُ أكثر من ارتابطها بالقهوة. 
والكتابةُ أكثرُ قُدسية من كليهما. 

سأحدثني، وأحدث ذاتك، وأحدثكم/
- حروفًا. أذبُّ بهَا تقاعسكُم. وأشفي بهَا لسعةَ نحلِ الجبالِ المسكين. أمسح بها دموعكُم، وركودَ بحاركم. أحكيني بها، وأُحاضرها لَكُم بمحاصرتها حولي وحولَ شُعاعِ أفكاري. 

ءءءءءءءاااااااا .. 
لعلّهُ أجملُ شعورُ، حينَ أفتحُ فمي لأزفرَ كمّ هواءٍ بعواءٍ يستقرُّ في رئتي ويدفء أُذني. أطلبُ بهِ الله فرجًا للكلماتِ التي تتربعُ خلاياي ومسافاتيَ البينيةَ حيثُ وجدتُ. أسألهُ بها طولَ نفسٍ وقوّةً. كُلّ هذه الطقوس وأنا أُدرك بأني لن أُصدرَ أدنى صوت وأنا أكتب. لأن الكتابة فيَّ هدوءٌ مقيتٌ وطقسٌ غريب مستنكر. صَلاةٌ روحيةٌ تنتشلني من الدنيا إلى الآخرة، من محيط الأرض ومساحتهَا إلى سماواتِ الله التي تتفتحُ لي بالدعاء. 

حسنًا سأبدأ الآن/ أرجو أن أكون بخيرٍ بعدَ كُلّ هذا، أرجو أن تكون بخيرٍ بعد هذا، أرجو أن تكونوا بخيرٍ بعد هذا. سأصدقُ فيما أكتبُ ككلِّ مرَّة، لأكون بخير. كن صادقًا مع الله لتكونَ بخيرٍ دائمًا وأبدًا. كونوا مع الله لتكونوا بخيرٍ. 
.
.
.
.
سأنام، وأُكملها صباحًا. 
لأنّ انشراحَ الصباحِ أعمق.
.
.
مرحبًا 
هُنا صباحُ الأنين 
صباحُ الانتفاضةِ 
وصورة الرجلِ المُسن، الذي تردى إثرَ رصاصةِ غاصب أصابت قلبهُ مجازًا منذ سنين طو و و و يلة وأصابتهُ حقيقةً هذهِ المرّة. لتُعلنَ ضعف جماعةِ الصهاينة وقوّة الفردِ الفلسطيني. 
ليسَ صباحًا أسطرُ فِيهِ معاني الانشراح وقوةِ الأحلام التي يدفهَا عمقُ اليقين. الغصةُ التي تحاصرني وتحاصرُ هذه الأرض، شعرَ بها البشر أم لم يشعروا. ستقتلنا. لأنهَا تعصرُ معنى كُلَّ شيء. ستُصرعُ في ساحةِ الهوى الماجن الذي أردى سفهاء القومِ، الحضيض. 

أُمي فلسطين لا تأسي ولا تهني.
سلامٌ عليك، سلامٌ علي، سلامٌ عليكُم. 

 آسفةٌ لنفسي على كُلِّ شيء أعرفهُ وكلّ الأشياء التي لا أعرفهَا، آسفةٌ لك على كُلِّ شيءٍ تعرفهُ/تعرفينهُ وكلّ الأشياء التي لا، آسفةٌ جميعًا على كُلِّ شيء تعرفونهُ وكلّ الأشياءِ التي لا تعرفونهَا.
٨:٠٧ ص.  

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
٢٧ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
١١ أكتوبر ٢٠١٥ م
الأحد. 

الخميس، 1 أكتوبر 2015

مذكرات1 | أتحدثُ عني لـ ...




مرحبًا .. 
أعلمُ أنك في مكانٍ ما. تقرأ. وتشاهُد بصمتٍ مطبقٍ. 
اتخذت على نفسك عهدًا وهو ألّا تبتسمَ أبدًا. أبدًا لن تبتسم إلّا لعاملةِ النظافةِ التي تُقابلُها كلَّ صباح. وإمساك ابتسامتك يتطلبُ صبرًا عظيمًا عَنِ الكلامِ مع البشر، هَذَا وأنت الانسان الاجتماعي المبادر دائمًا. رأيتُ أن الأحداث كمسرحيةٍ هزليةٍ هزيلةِ المعاني وضعيفةِ البنيان، ركيكة التركيب ومسيئة جدًا. 

كُلّ الأحداثِ التي تخبطت في جدارِ ذهنكِ، ستتحققُّ يقينًا يومًا ما. إنّ الكآبةَ التي يصفهَا النَّاسُ فيكَ جهلًا مِنْهُم بك، ليست بشيء. العُزلةُ التي تطيرُ فيها بحرّيّة وانشراح ليست حِملًا يقتلك أو يثقل كاهلك. العزلةُ فضاءٌ واسعٌ يريك الحياة بصورتهَا الحقيقيّة فيك دون تأثيرٍ خارجي. إيمانك بالسعادة التي تعيشهَا مع كُلِّ خطوة كفيلٌ بأن يُديم سعادتك تلك، لأنها الأمر الذي لا تطالهُ يدّ بشري، سواك. 

سعيدةٌ جدًا، بالابتسامةِ التي تمنحُنيهَا عاملةُ النظافةِ كُلّ يوم. سعيدةٌ بالأفكار التي تُلون عيني لحظة سيري في الممر الموحشِ اختلاطه. سعيدةٌ بإمساك نفسي عن التبسم في وجوه الحمقى، ولو سهوًا. سعيدةٌ بجلوسي عند النافذة في زاوية المكتبة بعيدًا عن ضَوضَاء المحيط حولي. سعيدةٌ بالكتابِ الذي أُجالسه كُلما ركنتُ إلى مساحةٍ في كراسي الاستقبال الداخلية. سعيدةٌ بالحماسةِ التي أعيشهَا في داخلي، في داخلي فقط. دونَ أدنى لمحةٍ من بشري لها.  و... سعيدةٌ بكوبِ الشاي الذي أرتشفهُ قطرةً قطرة في طريقي إلى بوشر. 

حسنًا، صعودي للطابقِ الرابع عقلًا الثالث اسمًا، من درجِ الطوارئ ليسَ كآبةً كما تقولُ الفتاةُ التي تسألني من أينَ تأتين، ليسَ عبطًا ولا جنونًا. ما هو إلّا مُحاولةُ هروبٍ من سفاهةِ المجتمع في الأماكنِ العامَّةِ. عدمُ التوّجه للمطعم ليسَ صومًا عن الطعام، بل صومٌ وابتعادٌ آخر عن سفاهةٍ أُخرى. إنني أمقتُ الأشياء كثيرًا. كثيرًا جدًا. أمقتُ الاختلاط. أمقتُ مفهوم الحريّة المنتشر في كُلّ شيء إلّا في نفسهِ وفي السلام. أمقتُ الأشياء لكنني لا أمقتُ الأماكن أبدًا، بل وأتعلقُ بالجماداتِ وكأنهَا حيّة ولو كانت حيّة بالفعل لابتعدتُ عنهَا كما أبتعدُ عن الأحياء بترف المظهر ومجاعةِ الشعورِ. 

عني لنفسي ! وأقولُ لَكُم ..
- حينَ يباغتكُم طيفُ اللامعقول وإستحالة الوصولِ، قاوموا تلك البواعث وامضوا لأن الوقوفَ لمحاولةِ استرضاءِ ما حولكم لن تجدي. كونوا أقوياء بالله لتكونوا بخير.

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٦ ذو الحجة ١٤٣٦ هـ
١ أكتوبر ٢٠١٥ م
١٢:٠٥ص الخميس.