صباحُ اليومِ جميل، لأن لي من آل جميل صديقة صدوقة. دعابة حقيقية. استسخاف في الكتابة من أوَّل اليوم؟ يا للهول.
بينما فقدتُ فرصةَ لقاء فتيات الحلقات للمرّة الأخيرة هذا الفصل، أراني جالسةً دون أن أكلّف نفسي حتّى عناء رفع عباءتي عني. على قارعة الطّريق كما خُيّل لي، التي تتمثّلُ في الحدِّ من درَجِ بابِ المنزلِ الأمامي. صوّرت لصديقةٍ مقطعًا صباحيًا في ال'سنابشات' ثمّ تذكّرت أنّ حسابها مُغلق. وجدتني حينها أصوّر جدران المنزل الخارجية. هل كنت ألتقط صورًا لأصدقاء الوهم الذين أحدثهم كثيرًا؟ لا أعرف. لا يهم، كل هذا لا يهم.
"أنا بغدادُ يا عربُ، عروبتكُم غدَت عورة، سأصرخُ دونما خوفٍ، وأُعلن أنني حُرّة". حسنًا، لأعترف علنًا ولو مرّة! أنا لا أريد كتابة أي شيء مهم. وهذا مؤسف. في كلّ مرّة أرى نظرةَ اللاجدوى تستلذ توسعها في عيني تجاه هذا العالم، أستخفّ بكلّ شيء ولا أخذه على محمل الجِدِّ. لمَ قد نكلّف أنفسنا عناء رفع كلّ هذه الآمال على أكتافنا؟ أستاذ الفيزياء قال يوم أمس: إن حقيقة أن كلّ ما يحدث الآن على أكتافكم لن تتغيّر، شئتم أم أبيتم ستحملون كل هذا عليها، كله. يذكّرنا كلّ يوم بأننا لا شيء. ل ا ش ي ء. تمنّيتُ أن تَخَلُق كلماتُه صدًى قاسيًا يصِلُ إلى آذان كلّ طالب جامعي، يرى بأن الدراسة الجامعية نهاية المشوار المدرسي المقيت. يَقُولُ: آمنوا، أَنَّكُم لا شيء. اعملوا عَلى أنفسكم. حتّى شهادة التخرّج ليست ملعقة ذهبية ما لم يكن في سيرتكم غيرها.
لمَ أقولُ كل هذا؟ لا أعرف ولا يهم أن أعرف.
تبًا للعالم الذي يأكلني لأحمله مستقبلًا مُثقلًا بما فعل. من الجيد أن هناك من يصغر حين يكبر الآخرون. لكن من يدري؟ قد يحمل الصغار على رؤوسهم ما لا يحمله ألف رجل كَبُر على كسله، وألف امرأة نضجت على الترهات. الحقيقة كلّ الحقيقة، أن الأطفالُ الذين يشهدون على العالم استخدامه كلّ وسائل المّوت لقمع ذويهم بإبادتهم أكبر منّا جميعًا.
مما لا يهمُ أيضًا، أنني لا أعرف ما إذا كنت سأرتكبُ حماقةَ نشرِ هذه المقطوعةِ المتضاربةِ أوصالها. أؤمن أنني سأندم على كلّ الحماقات التي لم أرتكبها، لكنني وحتّى اللحظة، لا أريد فعل شَيْءٍ منها. حتّى فكرةُ النجاةِ من الجلوس على قارب صغير تتصارع فيه الكتب بما فيها، في جو عاصف وسط بحر من الكلمات ليست مبررًا لرمي كلّ هذه الأرواح جانبًا ومواصلة المسير بلا روح. عليَّ التوقف هنا، أنا أعطي عملية قول كل هذا للعجاج استمرارية لا يستحقها شيء. وداعًا.
١٢:٠٣ ص.
٢ ربيع الأوّل ١٤٣٨ هـ.
٢ ديسمبر ٢٠١٦ م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق