الخميس، 17 سبتمبر 2015

لمن نعيش ؟ ..



مرحبًا، نحنُ البشر. حمقى وخونة. حمقى مع أنفسنا، ونخونُ ضمائرنا. رغم إدراكنا التام لما ستؤول إليه الأمور في أحيان كثيرة. إلّا أننا نستمرُ لأجل الحياة. لنعيش. الموت مدةٌ زمنية منقضية، بعدها حياةٌ سرمدية. نحنُ خُلقنا لنعيش حتّى بعد الممات. الفرق الوحيد هو أنّ الحياتين تعتمدُ أُخراهما على الأولى. علينا أن نؤمن بذواتنا، لأننا نحملُ على عاتقنا أمانةَ أعناقنا. أمانةَ حياتنا الثانية.

قد تتذمرُ مما أخذته نفسك عليك الآن. تتمنى لو أنك تولدُ من جديد لتحيا بشكل آخر. تتمنى لو أن بعض السنين على الأقل، يمكن أن تعود. ورغم تمامِ يقينكَ باستحالةِ حدوث ذلك. لا تسأم من تكرار أحلامك. ليس لأنك جاهل. ولكن! لأنك خلقت لتعيش. تطمع لتعيش بكرامة. الكرامة التي تحمل مفاهيم مختلفة من شخص لآخر، مهما اتفق اللغويون على مفهوم لها. 

أنت تتجاهل في نفسك تلك الرغبة لأنك يائس. لست يائسًا من الحياة ولا من واهبها. حاشاك. لكن! أنت يائس من نفسك. من الكيان الذي تبنيه وتحطمه في داخلك. تتمنى لو كنت ملاكًا ليتسنى لك العيش بقُدسيّةٍ محمودة. لتغسل نفسك من أوزارك الماضية. رغم كُلِّ شيء، تبقى إنسيًا. ولا يجدر بك إنكار حقيقة وجودك، لأنك تؤمن بأن للكون هذا إلاهًا لن يغفل عنك لأنه مشغول بغيرك. تؤمن بأنه أقرب إليك من حبل الوريد. الحبل الذي تهدد نفسك به رغم خوفكَ من أن يمسه سوء. 

عُد لحقيقة إيجادك لتدرك جهلك ولتثبت لنفسك حمقك. مهما حمت ولففت حول موقفك من الحياة. تبقى فيك الرغبة الملحة في إنقاذ الغير. ألم تدرك بعد! أن الذي يجب أن تنقذه أولًا نفسك. نفسك أنت. التي تحملها بين أضلعك. التي تنغرس فيك أكثر مع كُلِّ شعورٍ يسيطرُ عليك ولو لوهلةٍ فقط. استيقظ استيقظ ولا تنكر وجودك فيك وحاجتك لنفسك. 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
١٣ ذو القعدة ١٤٣٦ هـ
٢٨ أغسطس ٢٠١٥ م

الخميس، 10 سبتمبر 2015

كُلُّ الدروبِ طويلةٌ ..




كُلمَا أتيتُ لأكتب، أسرَحُ بعيدًا قبلَ أن أخُطَّ الحرفَ الثاني من الكلمةِ الأُولى. تنتشي فيّ الأفكارُ بمشاعرهَا، والصحُو من كُلِّ ذلك يكونُ بعدَ أن أقرر التوقف عَنِ اللعب في محطةِ القطار التي أركضُ بفتاهَا طويلًا، طويلًا جدًا. 
- إنّ أصعبَ أمرٍ قد يطلبهُ مني بشري، هو أن أُقرّ لشيءٍ مَا. أن تكونَ بين شفتيَ، كلمةُ الحسمِ الأخيرة. قرارُ اتخاذِ القرارِ بحدّ ذاتهِ، أرقٌ.

الحقيقةُ هُنا، أن القرارَ الذي طُلبَ منيَ الإدلاءُ بهِ كَانَ قرارَ الرحيل. لطالمَا قلتُ "الرحيلُ ليسَ خيارًا سهلًا، لذَا فالراحلونَ عادةً يستجلبونَ الشجاعةَ، يتلبسونهَا! ويطلبونَ من اللهِ القوّة. القوّة. يحتسبونَ رحيلهُم لله." لك يا ربّ. أدعو كثيرًا/ اللهُ بقوّتهِ معي، اللهُ بقوّتهِ معهُم. معنَا أنتَ يا ربّ. لنَا أنت يا ربّ وحدك، وحدكَ لا شريكَ لك. 

بعدَ كُلِّ الكلماتِ المكسوةِ بطابعِ القوّة البشرِيّةِ، أبقى الضعيفة الخائفة. كنتُ أهتزُ من هيبةِ اسمِ اللهِ لأتخطى مرحلةَ الخوفِ التي أذبلت عيناي. إننا لا نطمئنُ إلّا بذكرِ الله. نمضي في الحياةِ نستأنسُ بهِ. مهمَا طالَ الطريق ومهمَا كان حجمُ البينِ بيننَا وبينَ قُلوبنَا في مكانِ آخر. نستمسكُ ونصطبرُ، لأننا نمضي في كُلِّ الدروبِ الطويلةِ هذهِ لله. 

لم أُودّع أحدًا، الوداعُ لا يليقُ أبدًا. أبدًا. كُلّ ما استطعتُ قولهُ: سنلتقي، سنلتقي بإذن الله. لا تقولوا الوداع. أنا باقيّةٌ هُنا. كنتُ أُكابر مكامنَ نفسيَ المشتعلة وأبتسمُ بصدقٍ تام. كَانَ عليّ أن أبتسم لأكون بخير ولو قليلًا. كنتُ أحاول الهرب من لقاء أي أحد. ولكن! قبلَ وصولي إلى الجامعةِ لم أتمالكني فأرسلتُ لهنَّ ولقيتهنّ. أدركتُ حينهَا أنني سأبدو حمقاء أمام نفسي إن هربتُ هكذا. كنتُ لأُعذبني، لأننا لم نكن معًا منذُ أربعةِ أشهرٍ رُبما. أعدتُ روحي واستعدتُ نشاطي فمضيتُ باطمئنان.

كُنت أواجهُ نفسي بالحقيقةِ كُل مرَّةٍ وأهرب. لكنني وقفتُ بصلابةٍ يومهَا، عليَّ أن أكون قويّة لقد قررت وانتهى الأمر. موقنةٌ بأنهَا الخُطوة الأخطر في خط حياتيَ الزمني. علّي أن أصنع من انتقالي ذَا إنجازًا يستحقّ كُل هَذَا العناءِ الذي بذلتهُ في التفكير! وفي كُلّ الأمورِ الأخرى.  يجبُ أن يكُونَ لهذَا الرحيل قيمة. علّي أن أمضي لما خططتُ لهُ، علّي أن أرفعنيَ دنيا ودين. أحملُ أمانةَ روحي وجودي وكُلَّ أحلامي. 

يا أصدقاء. أقولهَا لَكُم كَمَا قُلتهَا لنفسي. كونوا أقوياء، أقوياء بالله. امضوا في سبيل تحقيق أحلامكم. تخيلوا إنجازكم اللاحق، ارسموا حياتكم في خطّة. استمتعوا كثيرًا وكونوا بخير. خذوا بأيدي بعضكُم نحو الجنَّة. امضوا في مشروعِ حفظ الكتابِ العَظِيمِ التي خططنَا لهَا في جلسةٍ عابرة. خذوا بعضكُم نحوَ الجنَّة، وخُذوني معكُم في الدعواتِ. كونوا أقوياء. أقوياء بالله. حسنًا، لا بأس بالبكاء، إنّهُ القوّة التي تغسلُ أرواحنَا، أوليسَ الله أعلم بلوعةِ الحزن؟ جعلهَا لنا لنبكي. لا بأس. كونوا بخير. "يا صاحبي ربي معك، حاشاهُ أن ينساكَ أو أن يقطعك."

لمَ أستوعب فكرَة أنني كتبت، لكنني فعلت. أصدقُ كلماتنا ترتقي بالشفافيّة والعفويّةِ التي تخرجُ بهَا. آسفةٌ لنفسي التي أواسيهَا بالكلماتِ التي تُبكي الآخرين، فأقسو عليهَا عوضًا عن طبطبتي لهَا بهَا. 

لا أصعب من أن أختارَ عنوانًا لهذهِ التدوينة. 
- كُلُّ الدروبِ طويلةٌ، 
والأمنياتُ بدربنا ..
تختالُ. 

#أروىٰ_بنت_عبدُالله 
٢٦ ذو القعدة ١٤٣٦ هـ
١٠ سبتمبر ٢٠١٥ م
١٢:٢٣ ص الخميس.