السبت، 23 أبريل 2016

قراءة في كتاب #أسطورة_الكتابة كتاب ينقذ طفلًا




لا يخفى على أي مِنكُم الكاتب القدير إبراهيم نصر الله، الكاتب الذي أتحاشى حتّى اللحظة قراءة سلسلته الملهاة الفلسطينية. والسبب الذي أتعلل به دائمًا هو أنني لا أقوى على رؤية شجاعة ما يكتبه هذا الإنسان عن بشاعة ما يحصل في الأرض التي لا يعيشُ فيها قسرًا.

تتمحور فكرة الكتاب في جعل مجموعة من الكُتّاب يختارونَ طفلًا ويكتبون لَهُ رسالةً عن الكتابة. لا يبدو الأمر سهلًا للكثيرين إذ أنه لا علاقة واضحة بينهم وعالم أدب الطفل. لذا، فقد كان نجاح معظمهم باهرًا. إِلَّا أنّه من الطبيعي والمؤسف في آن، أن فيهم من فشل -تمامًا- في الكتابة. وقد اكتست رسائل محددة طابع المقال عوضًا عن كونهَا رسالة إلى طفل.

تأثّرت معظم الرسائل بالأوضاع السياسية المتوالية في العالم العربي، يظهر من ذلك أن الكُتّاب لجأوا إلى نقل صورة العصر الحالي إلى أعين الأطفال الذين سيصل الكتاب هذا إلى أيدي آباءهم، إن كان آباؤهم نجباء بما فيه الكفاية ليقرأوه على أطفالهم أو يعلموهم شيئًا مما فيه. وإلى الأطفال الذين سيقرأونه عندما يكبرُ فيهم شغفُ القراءة بعد أعوام وهم يتجوّلون في المكتبات ومعارض الكتاب بحثًا عن هذا الكتاب الذي سيبصّرهم بالعالم يوم كانوا لا يفقهونَ فِيهِ أمرًا.

الرسائل صادقة أكثر من المتوقع من كتّاب يجيدونَ نسج الحكايا، وصادمة في آن من الكُتّاب الذين أراهم سيئين أدبًا. لعلّ فكرة الكتابة إلى طفل جعلتهم يعودون إلى الفطرةِ السليمة التي كان من المفترض أن يسيروا بها في حياتهم الأدبية منذ البداية بلا مبالغة ولا تكلف في التناقض الذي لا يخالف فطرتنا كبشر أساسًا. إذ من منا لا يتناقض مع نفسه القديمة؟

حاولت ذكر بعض ما استوقفني حقًّا في الكتاب لكنني لم أستطع اختيار عدد معيّن مما فيه، إذ كلّهُ يكمل بعضه كنسيج لكن الرسالة التي راودتني فكرة بعث رسالة إلى بريد كاتبهَا كانت لمحمد ديريه وعنوانُها الكتابة في انتظار الموت، أردتُ حقًّا أن أخبره بأن رسالته كانت الأكثر عُمقًا، ولعلّ صديقه العربي الصغير سعيدٌ أكثر من أي وقت مضى لأنه رأى العالم في رسالة بُعثت له خاصّةَ. ورسالة يوسف المحيميد الموّجهة إلى زهرتي عباد الشمس/ هتون وهيام. كنت أود تأنيبهُ على رسالة ستكون سببًا لبكاء ابنتيه كلما قرأتاها مستقبلًا، بدت معتّقة برائحة ذكريات ووداع أكثر من كونها رسالة قد تحيي طفلًا بعد أن تنقذه بالكتابة، إذ ما الجدوى من إنقاذ طفل بالكتابة إن لم يكن ذلك الإنقاذ سببًا في جعله فاعلًا لا مجرد شخص مَنَّ عليه كتابٌ بالحياة؟ من الجيد حقًا أن اسم الكاتب يبدأ بحرف الياء، إذ كانت رسالته الأخيرة في ترتيب الكتاب وقد صنعت مسك ختامٍ مُذهل.

روح الطفولة التي ظهرت جليًا في رسالة بثينة العيسى، أمير تاج السر في رسالته إلى خالد، البكاء الذي استجلب دموعًا مع كل كلمة في رسالة إبراهيم نصر الله. رسالة كلمات  ملوّنة كأ جنحة الفراشات والصدمة اللحظية التي أصابتني عندما عدت أدراجي لأرى اسم كاتبها. الكلمات الأخيرة في رسالة إبراهيم عبدالمجيد ورسالة إبراهيم الوافي. الشفافية في رسالة علية عبد السلام، النار المشتعلة في روح غسان شبارو، الدّعاء الذي يرددهُ نورس مع أمّه قبل نومه. كلّها رسائل صنعت كتابًا سينقذ طفلًا مادةً ومعنًى. 


كتاب يجعلك تتساءل كثيرًا. وتدرك أكثر أن لكل بشري على هذا الكوكب خاصيّة لا يحركها شيء كالكلمات التي ستكون متفردة سلفًا إن وافق فطرته ولم يحاول أن يكون نسخةً منكاتب آخر. كونوا لإخوانكم وأطفالكم معولَ بناء، بجعلهم قراءً نهمين يبحثون عن المعرفة بين أرفف الكتب لا المواقع العنكبوتيّة فقط.
أروى بنتُ عبدالله
١٥ رجب ١٤٣٧ هـ
٢٢ ابريل ٢٠١٦ م
٢:٠١ ص الجمعة.

الأحد، 10 أبريل 2016

مغناطيس طويل ..




إلى القارئ الذي رأت عيناهُ هذا السطر: إذا لم تكُن واثقًا ما إذا كان هذا النص يستحق القراءة أم لا، توجّه نحو الفقرة قبل الأخيرة منه، اختصارًا للطريق وحفاظًا على وقتك. شكرًا لأنك هُنا، اليوم بالذات.


وصل اليوم الموعود، لم أكتب تدوينة متكاملة مُذ دخل هذا الشهر. لا أعرف حقًّا ماذا يَجِبُ أن أفعل بمَلَكةِ الكتابة. فكري مشغول بقضايا الوطنِ العربي، يتجول بين بغداد ودمشق، أجدهُ تارةً في ريف حلب وتارةً في درعا. كما رأيتهُ مرّةً واقفًا على شاطئ طرطوس يتأمل شيئًا ما، ويُفكّر بغابات الفرلق.

أفكر كثيرًا بالأدب العربي في أعين الأطفال، ولا يخفى عليَّ السببُ طبعًا، إذ للكتاب الذي أتجول في بساتينهِ دورٌ في صرفِ النظر إلى ماهية المادة المطروحة للطفل العربي. إنّ إنكاري للقب كاتب في حقّ بعض الكُتّاب لا يجعلني مخوّلة لاستنقاص المقال الذي شاركوا بهِ لإخراج هذا الكتاب، إذ أخرج قالب الطفولة المطلوب منهم طرحه، فطرتهم السليمة التي كان يجب أن لا ينحرفوا عنها ليصبحوا عظماء دائمًا، وليكونوا صادقين مع الكبار كما حاولوا أن يكونوا في خطابهم مع الطفل الذي اختاروا أن يكتبوا رسالةً له. 10 ابريل


 أتساءل كثيرًا: هل أقوى على خوض غمار القضية التي أفكر بجعلها حرب العالم التي أعيشها مع نفسي؟ هل سأستطيع الكفاح لتحقيق ما أريدهُ فيما يتعلق بحقوق الطفل في هذا العالم، بالكتابة؟ لن أعرف ذلك حقًّا إلا إن جرّبت السير في طريق ما من أجل قضية، قضيّة أراهَا تستحق من يحيا ليفُكّ عُقدتها المستميتة على هذا الكوكب. 9 ابريل


---------------------

سريعةٌ الأيام. قاربَ الفصل الدراسي على الانتهاء. لقد قابلت معلّمين جيّدين جدًا هذه المرّة، أرجو أن أقابل الثلّة المخلصةَ في عملها دائمًا. لأن المُعلم المتميزَ يَخْلُق جوًّا متميزًا لطلابهِ أيضًا. من المؤسف حقًّا، توديعُ الأرواح التي تأخذ بأيدينا إلى الأمام دائمًا. مهلًا، عليَّ أن أبقى في الزاويةِ الصحيحة من هذه الورقة، أنا لا أُودع البشر عادةً، فلمَ أتحدث عن الوداع؟

في خضمِ كلّ الأحداث التي تدورُ عليَّ بشكلِ متواصل كما تدورُ الأرض في محورهَا بلا توقف، أترقبُ يَوْمَ ميلاد مدونتي الصغيرة هذه. لستُ أُمًا جيدة ولا أظنني سأكون كذلك يومًا. لم أُجد الاعتناء بها ... 7 ابريل
لم أُدرك وقتها أن هذه الطفلةَ المُختالة تتطلب عناية خاصّة جدًا. كنت أهذي فيها بمصطلحات فيزيائية وأخرى كيميائية، أتذكر المتعة التي كنت أحصل عليها وأنا أكتب قصّة الهيموفيليا بمعلومات من الكتاب وأربطها بعُقدة تدعى نزف الأصدقاء. يبدو هربًا ذكيًا من واقع الحياة الذي حتّم علي الغوص في تفاصيله مع مقرر مادة الأحياء ذلك العام. 10 ابريل

---------------



التدوين، كلمةٌ كنتُ أعرفها فعلًا أجهلها اسمًا، عرفتُها فلازمتني حتّى اللحظة. لا أريد الكتابة عن الكتابة، الآن على الأقل. المشروع الذي عزمت على إنهاءه خلال الثلاث الأشهر الماضية، لم يتم. بل وانقسم إلى مشروعين منفصلين عن بعضهما تمامًا، على الرغم من أنني وضعت خطة مبسطة له، لعلّ بساطتها ألغته، من يدري؟ لا بأس لا أحب الخطط الدقيقة جدًا فيما يتعلق بالكتابة، من الأفضل أن أكتب مسودة أولى عوضًا عن طرح خطط ستُركن إلى أوراق أخرى وتدخل في سبات آخر. 2 ابريل

-------------

الشتات الذي حاولت تفادي ظهوره في هذه التدوينة بالذات، بانَ كثيرًا. كان يجبً ألا أفكر بالأمر، لكنني فعلت. كان يجبُ أن أكتب شيئًا يستحق أن يُقرأ على الأقل، أو شيئًا يطبطبُ على كتفِ المدونة التي أخرجها طيشي وعبثت بها أطرافُ أصابعي. من الخطأ أن أستصغر ما كتبتُ هُنا، من الخطأ أن أقول ذلك حتّى، لكنني أفعل الآن. كنتُ أقول لنفسي قبل قليل: سأُسجّل هذه الملاحظة في مكانٍ لا أنساهُ أبدً، حتّى أتمكن من قولها يومَ أُصبح كاتبةً حقًا: أنا كاتبة لكنني أؤمن بالأفعال أكثر من الكلمات.

أحتاجُ وسيلةً كرتونيّة سوداء، وأربع مساطر مغناطيسيّة طويلة. أحتاج مقالًا لا يقل عن صفحتين ولا يتجاوزهما، باللغةِ الإنجليزية. لا أعرفُ عم أريده، القراءة؟ حقوق الأطفال؟ تاريخ العراق؟ الجزائر؟ الاقتصاد العُماني؟ ماذا؟ ما المشروع الذي سأقدمه للأستاذ التونسي بعد غد؟ وما الذي سأقوله في عرضه؟ 
هذا ما يجبُ أن أفكر بهِ الآن لا المدونة. لكنني قطعًا لن أفصل عالم الكتابة الذي أعيشهُ مع نفسي فقط عن العالم الحقيقي الذي يشاركُنيهِ كُثُر. بالمناسبة، إنّهُ تمام عامها الثاني. وداعًا. 

أ ر و ى بنت عبدُالله.
3 رجب 1437 هـ.
10 ابريل 2016 م.
الأحد.

تبدو لي تدوينةً سيئة، يجبُ أن أكتب أخرى. صحيح؟