هل يبدو الكونُ حزينًا لأنّ دمعاتك نزلت؟ هل تظنُ بأنّه سيقفُ ليشحنك بالطاقةِ التي تجعلك تواصل؟ هل تعتقدُ حقًا أنّهُ سيتلطّفُ لأنك تريد ذلك فحسب؟ هل إلقاءُ أمانيكِ إلى الريح أو الشاطئ سيجعلها تتحق؟ أو حتّى دفنهَا تحتَ كومِ تراب، هل ستثمرُ من عدم؟
إليك أنت المتعب من كُلِّ شيء، من لا شيء. إلى قلبك المخذول، أعني الخاذل نفسه. هل تظن بأنّ معجزةً قد تعيد لك الحياة؟ هل تنتظر تطبيبًا من غير نفسك؟ ألست المسؤول عن تعاستك وسعادتك بنفسك؟ ماذا الآن؟ تسخر من الألم الذي يعيشهُ الآخرون منكرًا ألمك؟ أنت تسخر من نفسك. لمَ قد تصبح عدوًّا للجميع بسبب خذلان صديق واحد؟ تعرف لماذا؟ لأنّه واحد. لأنّك لم تجرِّب ما مرّ بهِ غيرك من انكسارات. لأنك تجهل كمّ التجارب التي صقلتهُم، غيّرتهم، حرَّكتهم وأقامتهُم أيضًا.
إنّ الخواءَ حولك يجعلك تنأى بعيدًا، إلى حيث لا أحد سواك. السّلام الذي تبحثُ عنهُ في داخلكِ، يسكنك حقًا. لكنك تغطيهِ بعمى بصيرتك التي اشتغلتَ عنها بانتهاك عذريةِ عينيك، بالصولِ والجولِ في برنامجٍ عابث وبرامجَ أخرى. التباعدُ والهُجران اللذان خلّفتهما كلمةُ ترابط المتمثلة في رمز صغير يُدعى وسيلةَ تواصلٍ اجتماعية، يجعلانك تَتَمللُ من أكثر الأشياءِ دهشةً.
عندما تكونُ حزينًا، متعبًا ومثقلًا. انعزل لبرهة واستعد نفسك، لا تلقِ بالًا لمن يقولُ بأن ذلك خطأ. لا خطأ ولا خطر في أن ترفع نفسك بنفسك. هل تستخسر الوقت الذي تقضيهِ بعيدًا عن العالم الافتراضي بعلّةٍ كاذبةٍ تجعلك تظنّ بأن بعدك عنه بعدٌ عن أخبار العالم كلها؟ الزرُ الذي يقودك نحو بوابةِ القلق، لا توجه نظرك إليه. اللمسةُ التي تخون الوعد الذي قطعتهُ على نفسك، اكسر إصبعك عنها. الفكرة التي تصنع منك شكاكًا، أرسلها إلى مقبرةِ عقلك. عِش لنفسك بعيدًا عن صخبِ العلاقاتِ؛ وهميةً وواقعيّة. اكتفِ بعائلتك، بمن حولك في المحيط ولا تكترث بما يفعلهُ الآخرون. اصنع لنفسك وقتًا وحياةً ترفعك في الدارين، تجعلك أقوى وأكثر صلابةً عند مواجهةِ مصاعبِ الحياة.
لن تتلطّف المعدةُ بقضمةِ نعناعٍ ألقيتها في فمك من كوبِ الشاي. لن ترتوي بجرعةِ ماءٍ ما سميتَ باسم الله قبل أخذها. لن تشبعك كسرةُ الخبز التي تناولتها صباحًا على عجلة. لن ترقى بالقراءة التي تفتعلها بلا تركيز. لن تفلح في تلوين الزهرةِ التي رسمتها في دفتر يومياتك. لن تفعل ما لا تحاول فعلهُ بطريقةٍ مثاليةٍ صحيحةٍ لأنك منشغلٌ بغفلتك، غياب عقلك، طيران عينيك، بسرحانك في اللاشيء، منشغلٌ بالفراغ الذي لم تحاول الخروجَ منّه، بل وتُكابر مصرًا على البقاء فِيهِ بتعقل. ويكأنّهُ يستطيعُ تغييرَ نفسهِ بنفسهِ من تعقلكِ الأخرق!
هل أنت غارقٌ للدرجةِ التي تجعلك ترمي بذرةَ برتقالٍ وسط البحر متأملًا نمو شجرةِ برتقالَ هائلة وسط البحر؟ هل عمليّةُ استزراعِ النعناع والخس التي قمت بها في مطبخ المنزل جعلتك تفكر بزراعةِ البحر؟ ماذا مزرعة في البحر؟ هل ستنعتُ نفسك بالحماقةِ لاحقًا لأنّك ما أحسنتَ الغرس وأسأتُ السقيا؟ .. #ماذا_لو كنتُ شجرةً عظيمة ممتدّة من قاعِ البحرِ ناطحةً السحاب أعلى كل شيء؟
#أروى_العَبريّة
٢٦ صفر ١٤٣٧ هـ
٨ ديسمبر ٢٠١٥ م
١٠:٢٢ م الثلاثاء.
-لا أسمح بنسخ النص،
ولا جزء منه خارج المدونة.
شاكرة مروركم-