الثلاثاء، 12 مايو 2015

مرحبًا، كيفَ حالك؟




إن أسوأ همٍ يستوطنك منبعهُ الفراغُ، والفراغ ليسَ فراغَ الوقتِ أو الحياة من العملِ فقط. الفراغُ قد يكونُ في أعماقك ولا مصدرَ لهُ سوى تفكيركَ. أنت حين تنشغلُ بأمرٍ مَا وتجعلُ التفكير يستحوذ على حياتك تنسى نفسك لأن الفكرةَ تلك سيفٌ حاد وجدتَ قدمكَ واقفةً عليهَ في لحظةِ غفلةٍ.

كُل ذلك يضعُ بينكَ وبينَ العالمِ من حولكَ حاجزًا يقولُ لكَ:" أنتَ في وحدتكَ، بلدٌ مزدحم*". تتساءل! لمَ قد يكونُ العالمُ متشائمًا للدرجةِ التي تحيلكَ من واقعك إلى عالمكَ، الحالمِ جدًا. حيثُ ترى الأسد يعتلي منبرًا والسحابة تبتسمُ بهدوء. لمَ يقفُ الكونُ عندَ لحظةٍ ما؟ لمَ يضيقُ فجأةً!
- لوهلةٍ، هو يفكر في أمرٍ يصعُبُ عليهِ إيصالهُ لكَ.
وبين بين، تمضي أنتَ مواصلًا طريقك، تؤمن في أعماقكَ بأنَّ كُل الطرق تؤدي إلى مكانٍ مَا في النهايةِ. وحينَ تقفُ متأملًا مُفترقًا في دربكَ، يلفتكَ منظرُ نافذتينِ تتأملُ فيمهمَا طويلًا حتّى تلحظَ في إحداهَا مَا يستحقُ أن يكونَ قصَّةً فيْ كتاب. لأنهَا ورُغم كُلِّ مَا تتعرضُ لهُ من مصاعب في حياتهَا وهي في ذاتِ المكانِ تتأمل وجوهَ العابرين وتحميهم شاءت أم أبت من عوارضِ العالمِ الخارجية. تتأمل تفاصيل صنعهَا، تتساءل، تركزُ أكثر ثمَّ تنتبهُ لنفسكَ وأنتَ تُحادثُ جمادًا ساكنًا.

وفجأة، تجدُ نفسكَ عالقًا  في فوهةِ بندقيّةٍ !
تدورُ حولَ نفسك تبحثُ عن بذرةٍ إيجابيةٍ لتسقيهَا بينابيعِ التفاؤلِ الساكنةِ فيك! تحاولُ منحَ العالمِ جزءًا من الطاقةِ المتوقدةِ والنشاطِ الذي يملأُ كُلَّ جزءٍ فيك. لكنكَ لا تجدُ إلا نفسك، فتزرعُ الرياحينَ لذاتكَ في حديقةِ أفكارك. كُل ذلكَ يغطي الفراغَ فيك. بل ويصنعكَ مزدحمًا بالفعلِ رُغم وحدتكَ.

إن رسالتي هُنا، أعمقُ من أن تصلَ ..
حياتنَا يَا اخوة، أبسطُ ممَا نتخيلُ. أبسط من أن تتعثرَ وتبقى جالسًا حيثُ أنت. أبسط من أن تأفل فيكَ كُل الدوافعِ التي جعلتكَ تركضُ نحو أحلامكَ يومًا. أن يتغيرَ المسارُ الذي وضعتهُ لنفسكَ ليس داعيّ بؤسٍ وشؤمٍ وفتور! بل هو بابٌ جديد وفرصةٌ ستأخذك إلى حيثُ يريدُ الله لكَ أن تزهرَ. إنهَا أبسطُ من أفكاركَ السلبيةِ التيْ لا تجدُ في مَا حولكَ سوى المزيد من الأفكار التذمريةِ التي تحطمُ دوافعَ استمراركَ في الحياةِ.  إنَّ الأفكار السلبية التي تزرعها داخلك حيالَ كُل شيء، ستدمرك نفسيًا وعقليًا على المدى البعيد وربما القريب، تخلص من بذورها قبل أن تحصد البؤس.

ولعلّني أختم هُنا بعفويّةٍ تامّةٍ إن قُلت لروحكَ اجعلي هذا الإنسانَ البشري يُدرك معنى أن تعيش بتفاؤل وإيجابية وأن تبحث وتنقبَ في محاسنِ حياتك وقوةِ حجارةِ بيتك قبلَ أن تتخيلَ سقوطَ الجدارِ على رأسك. كُن بعيدًا عمَّا يُعكر صفو الحياةِ ويُكدرُ نقاءَ الأحلامِ التي تخفيهَا  نفسكَ عنكَ للمستقبلِ بسبب إشغالكَ لهَا بحربكَ الخاسرةِ تجاهَ نقطةٍ سوداء تركهَا حذاءُ أحدهم عقبةً للمتشائمين.

الأشخاص الأسوأ حظًا في هذا العالم هُم المتشائمون!
[أندريا هيراتا:عساكرُ قوسِ المطر]
 
 
أروى بنت عبدُالله العَبرية
23 رجب 2436 هـ
12 مايو 2015 م
الثلاثاء.

هناك 3 تعليقات:

  1. إننيْ هُنا لأسعدَ نفسي بتعليق بسيطٍ، أمرٌ أبسطُ من أن أستثقلَ كتابتهُ لنفسيْ. أنا سعيدةٌ اليوم، رُغم الحزنِ الذي أنبضَ قلبيْ بلا إنتظامٍ منذُ منتصفِ ليلةِ الأمسِ وحتّى الآن. -رحمَ اللهُ شيخنا خلفانا-

    إن الكلمات التي كتبتهَا ستبقى محفورةً فِيْ أعماقيْ رُغمَ قصورهَا. لأنني اشتقتُ للحرفِ المنتشي فيّ واشتقتُ المسطرَ منهُ على أوراقيْ. إن هذا الحرف يستقي من دمي حبرًا ليكونَ يومًا شفيعًا لي.

    اسألُ اللهُ أن يباركهُ ويباركني بهِ، يا ربّ.

    ردحذف
  2. أروى..
    تعليقكِ كان لإسعادِ نفسكِ، لكنني شعرتُ بسعادة عندَ قراءَته..
    حقّا! لا أعلم لمَ.!

    بالمُناسبة.!
    نحنُ أيضًا نشتاقُ حروفكِ هنا:)
    فَـ نمرّ على حرفكِ في التدويناتِ السّابقة؛ علّه يُطفئ شوقَنا قليلًا"

    تدوينتكِ هذه.. سعادةٌ، أحدثَت فيّ الكثير، شكرًا عميقًا لله وشكرًا لكِ")
    لا تحرِمينا من جمالِ حروفكِ.!

    يا ربّ.

    ردحذف
  3. نفعُ حروفك يكادُ يطغى على هدفِ كتابتك وهو ستر عورة عدم الكتابة. حقًا أروى، حرفُك يفيض حيويةً وحماسًا ونفعًا! ليتني مثلك!

    لا تتوقفي أرجوك.

    ردحذف