الخميس، 8 يوليو 2021

كلّا والله.. لن يضيّعك الله أبدًا


تأتيك لحظات تشعُرُ فيهَا أنّك بعيدٌ جدًا، بعيد كثيرًا، ولعلّك الأبعَد، الأبعد حتمًا. وليقينِك التّام بأن هذا ميدانُ تنافُسٍ، تشتَعِلُ في نفسك الحماسةُ تارةً، وتذوي من بُعدِك في أحيان. يريكَ الله فيمن سبَقَك الخير، ويقيّض لكَ من حولكَ الأخيَار. يريدُكَ الله حقًّا، يريدُكَ مِثلَهُم، يريدك قريبًا منه، ويقرّبُكَ من أهلِهِ وخاصّتِهِ.

ألستَ من سأل الله حُبّه وحُبّ من يُحبّه وحُبّ كلَّ عملٍ يقرّبك إليه؟ أتتكوّرُ على نفسك الآنَ هاربًا بضعفكِ ومختبئًا بتقصيرك؟ ألستَ الظمآن الذي منحه الله نبعًا وكان يسأله جُرعة ماء؟ ألستَ الضائع الذي يسّر الله لهُ مُرشدًا ودليلًا يأخذ بيده وقد كان يسألهُ خيطَ نُور؟ أتُفلِت أيديهِم الآنَ وتعودُ إلى منجمِكَ بمعوَلٍ هزيلٍ لا يُخرج من الثلاثين إِلَّا اللمعان الخارجي الذي لا ينيرُ سماءَ روحِك! 

انفُض عنك وهم عدم اللحاق بالرّكب، وأسأل الله الثّباتَ في الأمر والعزيمةَ على الرُّشد، هذه الطّريق لمن صَدَق وعَمِلَ. لا يضرّنك تعثّرك الآن فتسأم، ولا أخطاءك فتيأس وتستسلم، لا تسمح لشدّة أستاذٍ أن تُنفّركَ من الطّريق، ولا تترك لنبرةِ شفقةٍ من سابِقٍ أن تحوّل مسارَكَ. ألستَ قاصدًا وجه المليك الذي لا يُردّ عند بابه أحد؟ ألستَ محتسبًا كلّ هذا له وحده لا شريك له؟ أليسَ ما عنده أوسَعَ وأكبرَ وأرحَب من رجاءك؟ 

هل يضيّعُكَ الآن وقد أخلصتَ لهُ النيّة وسألته البركةَ والقَبول آناء الليل وأطرافَ النّهار؟ هل يضيّعُكَ الآن وقد صفا لك الدّرب واتضحت لك معالمه؟ هل يتركك وحيدًا متخبطًا لا ماضيًا ولا راجعًا؟ لا تعجَل، ولا تفتر، ارسم سلالِمَ آخرَتِك واصعدهَا درجةً درجة. لا تقفز، وإذا عَرَض عارض فأوقِفْه دونَ تردّد. ولا تنفرد، أنتَ تعرِفُ الطّريق وقد سخّر الله لك -زيادةً- مِنَ النّاس من تستشير إذا تغلّقت في وجهِكَ الأبواب. 

اصنَع من توالي الختماتِ العَذبةِ قوّةً في نفسك، وإصرارًا لمُتابعَةِ سعيك، وصورةً نقيّة لمشهدِ ختمتك. 

أروى بنت عبدالله 
٣ يوليو ٢٠٢١م