الأربعاء، 15 مايو 2019

#سوالف_خرّيج | استهلال




في اللحظة التي يبدأ فيها تداول سؤال "كم مادة باقي؟" بين الأصدقاء، يبدأ شعور التخفف من ثقل المكان بالظهور شيئًا فشيئًا. حتّى اللحظة التي نصطدم فيها بعناق صديقٍ أتمّ عرض مشروع تخرجه وأنهى آخر اختبارٍ له، بين مباركات عميقات وشكل من الانفصال لا يمكن تجاوزه بأي طريق. تجد نفسك بين صديقين آخرين، بين مودِّعٍ ومودَّع، يُثقلك ما بقي من مواد، ويخيفك مضيُّ الأيام السّريع. تقف مع نفسك على مفترق طرق، بين أن تتخرج في الخريف أو تقسم ما بقيّ على فصلين وتتخرّج في الربيع! بين أن تمضي في التسجيل لفصل الصيف، وبين أن تحذفه وتستأثر بالشهر الفضيل لنفسك! بين أن تضحي برغبة نفسك وتجاهد في سبيل أن لا يقتلك الغيظ لو ثبتت احتمالية أن يُدرِّس مادة أخلاقيات العمل القانوني من له مع الغش مسيرة مشهودة، ويكون في القاعة أبطال تلك المسيرة، ويكون المثال والمثل المطروح يُناصر من يدفع له مالًا أكثر، ويوسع دائرته الاجتماعية.  

تبدأ تفكّر أكثر من ذي قِبل بخططك خارج نطاق الدراسة والعمل، الخطط التي بقيت تنام وتصحو في رأسك كل يوم، وتجرّها معك في كل طريق تسلكه، تفكّر باللحظة المناسبة لإطلاق سراح نفسك منها، ومنحها شكلًا من أشكال الحياة بنقلها من دفاترك المثقلة بالخطط إلى الواقع العملي. وتفكّر أكثر بالعناية التي يتطلبها العمل عليها، أن تكوِّن فكرتك، وتحميها، وتسعى لنشر رسالتك بها، ودعم القضايا التي تهمك، ومشاركة الآخرين بناء أحلامهم واستنهاض عزائمهم. 

رُبّ فكرة أرّقتك، فأفاضتك. وترددت على مسامع من حولك، فأضجرتهم. وخرجت للمجتمع، فقوّمته! 
اللهم أفض علينا خيرك. واقبلنا عندك، وارزقنا القَبول الحسن في الدنيا والآخرة. وقوّمنا وقوّم مسيرنا إليك. وأصلحنا واجعلنا مصلحين، داعين إلى سواء السّبيل ببركة قربك، وبذكرك وهُداك.  

أروى بنت عبدالله .. 
٩ رمضان ١٤٤٠ هـ | ١٥ مايو ٢٠١٩ م