الريحان مريض. شتلات النعناع الصغيرة مريضة. لم أستنشق هواء العصريّات الذي اعتدته منذ ثلاث أسابيع على الأرجح، اخضرار عيناي تلاشى وما عدت أراه إِلَّا في الصور.
أصابعي متجمدة وأنا أكتب هذه الكلمات من تحت بطانيتي عوضًا عن رفع نفسي وإقامتها لإغلاق جهاز التكييف بضغطة زر.
الكتاب الذي بحثت عنه أشهرًا طويلة وانتظرت وصوله، علقت في صفحتهِ التاسعة بعد الثلاثين منذ خمس عشرة يومًا.
القاعات الدراسية تلعب لعبتها في جعلي أواجه وجوه جديدة في ثلاث مقررات الفصل الصيفي الذي بدأ منذ أسبوع، واستنادًا لما رأيته من معلمِّي الجدد وجدتُ أن علي العمل على نفسي بشكل كلي.
الاختلاط المقيت يزداد جرأةً يومًا بعد يوم، الحديث عن أدق الخصوصيات بين الجنسين أصبح مسموعًا للجميع بشكل طبيعي جدًا، ومقزز.
التملص من المجتمع ليس صعبًا، اتخاذ زاوية في مساحة الاستقبال أمر سهل، الجلوس إلى طاولة في زاوية المطعم سهل أيضًا، كما أن المصلى فارغ لمن أراد قضاء استراحته فيه أو حتّى أخذ قيلولة.
ومع ذلك، أجدني في أحيان كثيرة مجبرة على الجلوس إلى جماعة تفرض وجودها حولي أينما ذهبت، منها أرى أنني أكبر من أن أركن نفسي إلى رف في مكتبة أو أصيّرني سجادة صلاة، وأضعف من أن أكون شجرة تواجه أتربة مرتفعات بوشر والشمس الحارقة.
مرّ الأسبوع الأول بكل فروضه وبدأ الثاني وأنا لم أفتح كتابًا لأدرسه بجديّة، كما لم أُقلب كتبي حتّى. المطالعة التي لطالما شُغفت بها تلعبُ الغميضة في مكانٍ ما. وأنا مخبوءة في أوراق مسوّدة مهملة لم أكلف نفسي عناء رفع غلافها وتحريرها.
أرجو أن يكون فصلًا لطيفًا، وأن أعود تلك الفتاة التي تُخيف الناس بشغفها المفرط بالاطلاع على كل شيء، التي لا تفوّت أي كلمة تواجهها في الحياة لأنها تؤمن بأنها ستنفعها يومًا.
أروى ١٥ شعبان ١٤٣٧
الأحد.