الثلاثاء، 23 ديسمبر 2014

عن النهضَة المنشودة.




أحتاج إلى ثرثرة طويلة مع عجوز طاعنّة في السن! أريد لو أستطيع أن أسمع حديث قلبها عن هذا العصر الذي لم يرُق ليّ يومًا، كيف كان الماضي؟ كيف كانت اجتماعات العائلة حول حطب مُشتعل؟ كيف يتسامرون، وينقدون بعضهم؟ كيف يُعبرون عن حبهم؟ كيف يعاملون من يُعاديهم؟ كيف كان اشتياقهم لابنهم المسافر؟ كيف يودعون موتاهم؟ كيف يستقبلون غائبهم؟ كيف يحملون جنائزهم؟ كيف يخففون آلام بعضهم؟ كيف يشاركون أحزانهم وأفراحهم مع الجميع؟ كيف كان كيد النساء آنذاك؟ كيف كان الرجال؟ كيف كانت رجولتهم؟ كيف اتجهت عقولهم؟ كيف جاهدوا أنفسهم؟ كيف كانوا يربون أبنائهم؟ كيف يدللونهم؟ كيف كانت أمانة الأمهات في تربية أطفالهن؟ كيف كان حياء الفتيات؟ كيف كنّ يخرجن؟ كيف حال العفّة في ذلك الزمان؟ كيف كانت لتوصف الفتنة في زماننا بعيونهم؟

- أسئلة كثيرة تحتاجُ لقوة من أحدهم ليسألها، وتحتاجُ أيضًا إلى لسان حال ودّت لو تبوح بما في خلدها من أسًى تجاه الإختلاف الذي تواجهه بين العصور التي عايشتها.

لرُبما يرى البعض بأن هناك من الأسئلة ما يعبّر عن فراغٍ ذاتيّ في روح من يسأل! لكنه في حقيقة الأمر صورةٌ مصغرة، تُظهِر شيبًا في رأس شاب لم يتجاوز العشرين من عمره! وتجاعيدًا صنعتها اختلالاتُ عقول حقنتْ وجه الطِفلة بسموم غربيّة.

شيبُ الشاب، نتيجة إمساكه بجمرة والتفاته نحو الفتن التي أصبحت في متناول طفل لم يبلُغ مبلغ الرشد، يتبعه محاولًا إصلاح ما أفسده المجتمع، فيُصدم بأن ما بين يديّ ذلك الطفل دمارٌ شامل لكل معاني الحياة، وإنهيارٌ كامل لكل الأخلاق التي كان يأمل استعادتها فيه، حينها يوقن بأن المصداقيّة انقرضت تمامًا، لأنه متيقنّ أن ذلك الطفل اعتلى منصة التكريم في حفل كبير مشارًا إليه بالبنان وحفظ البيان، لكنه انقلب!

وتجاعيدُ الطِفلة، تُثبتُ بأن غشاءً مجتمعيًا حزبيًا يُغطي عينَ الراعي المسؤول عن حياتها، عندما غزتها الأفكار المسمومة كان غافلًا عنها، حتّى استوطن السُم مدارك طفلته لتصبح تابعةً بعيدةً عن حزب القادة الذي حاول صنعهُ معتمدًا على مسؤول آخر وارى عنهُ خطورة المُسمم! لتكون النتيجة اختلالًا ناجمًا عن حقنّةِ حاقد أردى طفلته في شباك عنكبوت باشر بقتل حيائها.

تناقُض الزمان هذا، دليلٌ قاطعٌ على أن الشخوص تتحول كما تتحول الفصول! تتناوب أغطيتهم لتكون شتاءً، خريفًا، صيفًا وربيعًا ملطخ بألوان كثيرة. وكما أنك تتردد حين ترى جمال فصل وأنت تفضّل آخر، أتمنى أن تتردد أيضًا في ثقتك بالبشر.

لرُبما سيكون لشيب العجوز التي سأجلس معها، شيب مستحدث يعالجُ هيمنة الأفكار السقيمة على عقول البشر، لتكون النهضة المنشودة بين يديّ الشيّاب وليس الشباب!!

#رسالة:

كُن وحيدًا في الطريق الصحيح 
 ولا تكُن زعيمًا في الطريق الخطأ.

#أروىٰ_عبدُالله
٢٩ صفر ١٤٣٦ هـ.
٢٠ ديسمبر ٢٠١٤م.
السبت.